الأحد، 23 أكتوبر 2011

البحرين : عرس - الديمقراطية - ... وصيحات المعارضة الشعبية

بينما تتباهى السلطة البحرينية وأبواقها في الداخل، عن عرس انتخابي ستشهده البلاد في الايام القليلة المقبلة لاختيار 40 عضوا، يمثلون ما يسمى المؤسسة التشريعية ( غير الشرعية ) التي أثبتت فشلها على مدى ثمان سنوات مضت، تقول الاغلبية الشعبية التى يتوقع أن تقاطع هذه الانتخابات بسبب عدم شرعيتها الدستورية وكذلك الشبهات التي تحوم حول الكثير من النواب المنتهية أعمالهم، لجهة عدم استقامتهم وعجزهم عن تحقيق ما وعدوا به المواطن البحريني في حملاتهم الانتخابية السابقة ومؤشرات ابتعادهم عن ممارسة الديمقراطية الفعلية، وإنشغالهم بالامتيازات الخاصة وصراع المصالح والامور الصغيرة على حساب القضايا الوطنية الملحة،أن النتائج المتوقعة ستكون محسومة لصالح السلطة الحاكمة واحزابها الموالية و " التوابين " من الحركة الوطنية والاسلامية، التي ما برحت تغازلهم السلطة وتساومهم على الجاه وبعض المناصب الرسمية
وقال أحد المواطنين، الذين فقدوا الثقة بأقوال المرشحين من مختلف التوجهات وبرامجهم الانتخابية الصورية، إنه لم يمتنع فقط عن المشاركة في انتخابات فاقدة للشرعية، ولا يمكن لها أن تعبر عن الارادة العامة للشعب، بل أنه سيدعوا الآخرين لمقاطعتها لانها على الارجح تعبر عن خيبة أمل كبيرة في الحلم الديمقراطي الواقعي، الذي استشهدت من أجله أجيال من شعب البحرين .
ويصف مراقبون الاوضاع الباردة التي صاحبت حملات الدعاية الانتخابية للمرشحين خلال الايام الماضية، دليل على اذراك الناخب البحريني بعدم جدوى هذا البرلمان المقيد تماما بنصوص دستورية مفصلة بالكامل على مقاسات قامة الحكم، وليس فيها لا ناقة ولا جمل لجماهير الشعب، ومجرد وسيلة تجميل لصورة الحكم الفاسد، وما سمي ( بمشروع الاصلاح ) الذي أطلق عنانه من القمقم قائد المسيرة ( الاصلاحية المشؤومة ) حمد بن عيسى آل خليفة، امام الرأي العام العالمي والمنظمات الديمقراطية والحقوقية الدولية .
وقال مواطن آخر، أن هذه الانتخابات ستتحول بمشيئة الله، إلى استفتاء شعبي مهيب يقوض ( سياسات الحكم و مشروعه الاصلاحي ) الذي لم ينجز منه حتى الآن سوى تفقير الناس والتنازع الطائفي وتحشيد مشاريع الامن ضد جميع قوى التغيير في البلاد .
كان الشعور المناهض للسلطة القمعية التي لاتزال تعتقل العشرات من المواطنيين المناضلين والمدافعين عن الديمقراطية والحريات، وتصر على بقائهم في السجون، واضحا في معظم المدن والقرى البحرينية، وكذلك المرشحين للبرلمان الذين تناسوا في برامجهم الانتخابية، قضايا ملحة في الشأن الداخلي البحريني مثل المطالبة بالافراج عن جميع المعتقلين والموقوفين على ذمة التحقيق في قضايا السياسة وحريات الرأي، وتجميد نشاط الجمعية البحرينية لحقوق الانسان ورفع قضيتها الى القضاة، والحملة المسعورة التي تشنها السلطة البحرينية وابواقها ضد بعض المنظمات الدولية التي ترصد حركة الانتخابات ومراقبة الصحف المحلية والاعلام، واستمرار وتيرة مشروع التجنيس، ومراقبة الناس في حركاتهم وسكناتهم، وغير ذلك من القضايا الوطنية الحساسة .
وبالتالي فان مقاطعة الانتخابات المزمع اقامتها بعد عشرة أيام من الآن التي نرى بعض بوادرها اليوم في عموم البلاد، هي في واقع الامر تعبير عن احباط وخيبة أمل متراكمة من كذبة تحويل دولة المراقبة الامنية إلى مملكة على غرار الممالك المتقدمة، واستغفال الرأي العام البحريني والعالمي بوجود مؤسسات برلمانية دستورية ومجتمع مدني تراقب افعال السلطة ومدى استقامتها ونزاهة مقاصدها.

هاني الريس

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

البحرين ... عشر سنوات عجاف من " مشروع الاصلاح "

من خلال ماسمي " بمشروع الاصلاح " لايزال الحكم عاجزا عن تحقيق ما وعد به .
لا العدالة الاجتماعية والمساواة تحققت ولا الحريات العامة انطلقت بحرية ولا الديمقراطية الواقعية انجزت ولا البطالة تراجعت ولا التنمية البشرية تقدمت، بل العكس، فقد كرس " مشروع الاصلاح " ركائز كثيرة وكمائن تخنق المزيد من حالات التغيير والتطور المستمر في حياة الدولة والمجتمع، من خلال الانقلاب على دستور البلاد العقدي لعام 1973، وكتابة دستور جديد للبحرين مفصلا بالكامل على مقاسات قامة الحكم، ومن دون إستشارة الشعب، وتفشي مظاهر الفساد والمحسوبيات وشراء الذمم وانعدام تكافؤ الفرص الاجتماعية والعمل، وتجنيس عشرات الآلاف من المواطنين العرب والاجانب لاهداف سياسية وإجتماعية من أجل خلق توازن طائفي في المجتمع .
وبدلا من أن تبادر عائلة آل خليفة، بتبديد مخاوف شعب البحرين، من النتائج السلبية التي كرسها " مشروع الاصلاح " طوال عقد من الزمن، وتتصدى لكافة المشاكل الحقيقية التي يعاني منها المجتمع البحريني بكل فئاته وطوائفه، أطلقت العنان " لجحافل بلطجيتها " و " ومرتزقتها " الاجانب من المجنسين، بالاعتداء على جحافل التظاهرات الشعبية المسالمة التي لاتزال تخرج يوميا في جميع المدن والقرى البحرينية تطالب بأبسط حقوق المواطنة المشروعة، وتطلق عليها الرصاص الحي والمطاطي والغازات المسيلة للدموع، وتقتل العشرات من الابرياء، وذلك باشراف مباشر من قيادة مجلس العائلة الحاكمة وخبراء بريطانيين وعناصر عسكرية عراقية مرتزقة مجنسة من فدائيي صدام، ولاتزال حتى اللحظة تستبيح المحظور، ولا من رادع .
في ظل هذا الوضع المتفجر والكارثي، يصر حكام عائلة آل خليفة، على التمسك بمواقفهم المتشددة تجاه تحقيق المطالب الشعبية المحقة والعادلة، ويتهمون المتظاهرين بخرق القانون، على الرغم من إعتذار الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ووزير داخليته راشد بن عبدالله آل خليفة، لشعب البحرين، عن سقوط ضحايا في صفوف الحركة الاحتجاجية المطلبية، برصاص الشرطة البحرينية وجيش الاحتلال السعودي، خصوصا في دوار الشهداء الذي بدأ في مطلع التحركات، يشبه ميدان التحرير في القاهرة، وشارع الحبيب بورقيبة في تونس، وينظرون إلى هذا الوضع المأزوم من جانبه ألامني فقط، حيث قوات الأمن المدججة بمختلف الأسلحة و " البلطجية والمرتزقة " جاهزين على الدوام لقمع التحركات .
هكذا تحاول عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين، أن تتعامل مع حدث سياسي وطني بالغ الحساسية والاهمية، وكأنه مجرد سحابة صيف عابرة، ستجرفها رياح القوة الامنية، من دون معالجة اسبابه وابعاده وتداعياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية
اللاحقة على مستوى الدولة والمجتمع .
هنا تكمن مشكلة عائلة آل خليفة حول سياساتها الخاطئة في البحرين، فهي رغم هذا الزلزال الذي يتربص بسقوط عرشها، تظل حائرة بين التمسك بإرث الماضي وإمتيازات الماضي، وبين الاستجابة إلى الحد الادنى من تحقيق المطالب الشعبية المنشودة .

هاني الريس

البحرين ..... عائلة آل خليفة ومسيرة إحتكار السياسة والثروة

منذ غزو عائلة آل خليفة للبحرين وقيام مشيخة أحمد بن محمد آل خليفة المشؤومة، في العام 1783، وحتى تأسيس "المملكة الحالية" لم تسمح كافة الانظمة والاجراءات المتبعة في دستورها الجديد، بوجود أحزاب سياسية ومنظمات مدنية مستقلة عن فلك السلطة والحكم، حيث تعتبر الاسرة الحاكمة في البلاد، وحدها صاحبة اتخاد القرار والمسؤولة عن تمثيل الشعب والنيابة عنه، مهما قيل في وجود جمعيات ومجالس بلدية ونيابية منتخبة من قبل الشعب، ما يعني عملياً استفرادها وهيمنتها وفرض سلطتها على كل صغيرة وكبيرة من مفاصل الدولة والمجتمع، وتدعمها في مختلف هذه الجوانب أجهزة المخابرات والشرطة والجيش وحتى الصحافة ووسائل الاعلام المطبلة والمزمرة للنظام الحاكم .

وفي العام 1973، سمحت الاسرة الحاكمة، بوجود بصيص أمل نحو تطور سياسي، تم تصويره بأنه سيتجاوز مخلفات الماضي القمعي، وأعلنت عن رغبتها باقامة مجلس تأسيسي من أربعين عضواً نصفهم معين من قبل الحكم والنصف الاخر منتخب انتخاباً حراً مباشراً من قبل الشعب، ليكون بمثابة النواة الاولى للتجربة الديمقراطية الجديدة التي تريد تدشينها في البلاد، ويولد من رحمها دستور تعاقدي بين الحكم والمجتمع، ومؤسسة برلمانية منتخبة بكامل اعضائها انتخاباً حراً مباشراً من ثلاثين عضواً في الدور التشريعي الاول، ثم اربعين عضواً في الادوار التشريعية اللاحقة (بالاضافة الى 14 وزيراً بحكم مناصبهم)، لتشريع القوانين والانظمة القائمة في البلاد ومراقبة ومحاسبة الحكومة على افعالها امام المجتمع، وبعد مخاضات عسيرة ونقاشات ضارية حول اعداد مسودة الدستور التعاقدي داخل اروقة المجلس التاسيسي، أقر الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة، مشروع الدستور في العام 1973. وفي نهاية العام نفسه، جرت انتخابات المجلس التشريعي (المجلس الوطني) في اجواء ديمقراطية حرة ونزيهة شهد لها كافة المراقبين المحليين والدوليين، لكن بعد أقل من عامان على هذه الانتخابات، إنقلب الحكم على الدستور التعاقدي وعطل أبرز مواده الحيوية، وقام بحل المجلس الوطني المنتخب في 26 اغسطس من العام 1975، بذريعة خروج اعضائه على قيم الديمقراطية وأصول التعامل مع الحكومة، واصرارهم على رفض مشروع قانون أمن الدولة، الذي تقدمت به الحكومة من أجل ما وصفته بـ"حماية الامن الوطني"، والذي اعتبرته كافة الكتل النيابية في المجلس الوطني، مجحفاً وقاسياً، بحق المواطنين والحريات، كما أنه مخالف لنصوص الدستور العقدي التي تصون حريات الرأي والتعبير والضمير وتحمي كرامة المواطن البحريني وعدم النيل من كافة حقوق المواطنة المشروعة، وبعد ذلك مرت البلاد بفراغ دستوري وبسنوات معتمة من القمع والاستبداد المطلق استمرت على مدى اكثر من ربع قرن من الزمن، ولم تنفع المناشدات الحميدة ولا الانتقادات الدولية الموجهة للحكومة بسبب غياب الديمقراطية وانتهاكات حقوق الانسان في البحرين، ولا حتى الاحتجاجات والاضطرابات والانتفاضات الشعبية التي تفجرت على مدى تلك الحقبة الاسوأ في تاريخ البحرين، من ثني الاسرة الحاكمة عن قرارها بتعطيل المواد الحيوية من الدستور وحل المجلس الوطني المنتخب .

وبعد وفاة الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة، في العام 1999 وتسلم مقاليد الحكم نجله حمد بن عيسى، أطلق الأخير من القمقم ما سمي "مشروع الاصلاح" المطبوخ بسموم الاستبداد و الطائفية المقيتة، وتعهد أمام المجتمع البحريني، بأنه سيقوم بفتح صفحة جديدة من التعامل الايجابي مع الاوضاع التي كانت مثار جدل بين الدولة والمجتمع، وأنه سيعالج جميع الاخطاء التي حدثت في عهد والده الأمير الراحل عيسى بن سلمان، وبخاصة مجالات حقوق الانسان، ولكنه استدرك بانه "سيكون ماضياً على خطى والده والاجداد السابقين الذين وصفهم بأنهم حققوا الانجازات المذهلة" لهذا البلد، فاستهل مشروعه الاصلاحي ببعض الحلول الجزئية والاصلاحات الترقيعية، التي أثبتت هشاشتها وفشلها ومعاني اهدافها ومقاصدها في السنوات اللاحقة. وفي غمرة أعراس الانفراج السياسي التي شهدتها البلاد على مدى عام كامل، كان الحاكم يمهد الطريق للانقلاب النهائي على دستور البحرين العقدي، والتخلي عن كافة الوعود والتعهدات التي أقسم عليها في أولى خطابات تسلم العرش، حيث أعلن في خطاب متلفز موجه الى الشعب وحكومات الدول العربية والعالمية، أنه تفضل على شعب البحرين بمنحه دستوراً جديداً قائماً على " مبادئ الديمقراطية والحكم الدستوري وحقوق الانسان "، هو ذلك الدستور الذي صدر بأمر بمرسوم ملكي لعام 2002، في أعقاب تحويل الدولة الى مملكة والذي تمت صياغة نصوصه ومواده الاساسية بعناية فائقة وبمقاسات تنسجم تماماً مع قامات الحكم والاسرة المالكة، وداخل دهاليز مغلقة وبعيداً عن أعين الشعب والمراقبين والصحافة البحرينية، وأعقب ذلك إجراء انتخابات نيابية هي الثانية منذ فترة ما سمي بالاستقلال، سبقتها بفترة قصيرة انتخابات المجالس البلدية، وكانت كلاهما موضع جدل قانوني ودستوري، وقد عارضت وقاطعت الانتخابات التشريعية أربع جمعيات سياسية، بسبب عدم شرعيتها الدستورية، واستجاب لدعوة المقاطعة قطاعات شعبية، بالرغم من لجوء الحكم الى إرهاب الناس ودفعهم دفعاً للمشاركة تحت وطاة التهديد بقطع الارزاق والمصالح المختلفة. وبالاضافة الى الاعضاء الـ (40) الفائزين في الانتخابات، والذين أتوا من شرائح وتيارات متعددة، قامت الاسرة المالكة بتعيين 40 عضواً لمجلس الشورى البحريني، المعروف ب " الغرفة الثانية في البرلمان "، قيل بأنهم من أصحاب الخبرة والتخصص والجاه في المجتمع البحريني، ليشكلوا جميعاً في ما سمي بـ"المجلس الوطني". وعلى رغم مرور أربع سنوات من عمر هذا المجلس، فانه لم يستطع تحقيق حتى القليل مما كان يتطلع اليه شعب البحرين .

الاقتصاد:

تسيطر عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين، على معظم أراضي البلاد كاملاك خاصة، وتتقاسم ثرواتها المختلفة، بما في ذلك الثروة النفطية التي تكاد أن تكون المصدر الاساسي الاول للدخل الوطني، ويبسط معظم أفراد هذه الاسرة هيمنتهم على المشاريع التجارية وشركات الاستثمار المتعددة الجنسيات، والمجمعات السكنية والاسواق التجارية العملاقة، اضافة الى ما يحصلون عليه من رواتب شهرية عالية مخصصة لأفراد الأسرة الحاكمة، ورواتب إضافية أخرى، في مقابل تعيينهم كوزراء أو وكلاء وزارات أو مدراء ادارات أو ضباط كبار في اجهزة الشرطة والجيش والمخابرات، في بلد ما يزال يعتبر أفقر الاغنياء في البلدان الخليجية النفطية، وفي وقت تتضاعف فيه مشقات الحياة المعيشية اليومية لغالبية المواطنين في البحرين وتزداد فيه نسبة البطالة في صفوفهم وخاصة بين أصحاب المؤهلات العلمية العالية، وهناك شرائح كبيرة في المجتمع تعاني من العوز المادي، ولم يشهد المجتمع البحريني لا في ماضيه الزراعي والرعوي ولا في حاضر الطفرة النفطية الهائلة، من شىء سوى ذلك الفتات الذي يترك من فضلات موائد الاسرة المالكة وشركائها البرجوازيين الكبار الذين يحاولون بشتى الوسائل الممكنة، ابتلاع لقمة عيش المواطن الفقير، وهذا ما كانت تشير اليه دائماً التقارير الاقتصادية والاستراتيجية المختلفة التي تناولت وضع الاقتصاد البحريني منذ الزمن البعيد وحتى الآن .
هاني الريس

البحرين : التأريخ المشؤوم لعائلة آل خليفة

في العام الاول من تدشين" مشيخة أحمد بن محمد آل خليفة " الملقب < بالفاتح التي لم يعرف شرها الكثيرون، إلا من خلال جرائم الغزو التي خرقت كافة الاعراف والقيم الانسانية والروحية الخلاقة، إحتلت عائلة آل خليفة، مكانة متقدمة ومتميزة في الفساد والاستبداد ضد أهل البحرين، إلى الدرجة القصوى التي تفوقت بها على كل ما كان يمارس في جوارها من ظلم مشيخات القبائل العربية، وظل كل هذا التفوق الاستبدادي الخاص، يمثل السمة البارزة لاستمرار بقاء حكمها في البحرين .
وعلى مدى العقود الماضية وحتى الآن، ظلت عائلة آل خليفة، تختلق الذرائع والمزاعم الموهومة لتبرير "شرعية وجودها في البحرين" تارة بتذكير الناس بموروث "الغزو" وتارة أخرى بتزيين صورتها أمام المجتمع البحريني عبرإدعاءاتها الكاذبة بأنها "أصبحت في مستوى طوائف البحرين الموحدة" وأن البلاد لجميع أبنائها ينعمون فيها بالأمن والاستقرار في ظل الوحدة الوطنية، وهي في واقع الأمر ظلت شرعية مشكوكة في نظر المجتمع، و لا تزال حتى بعد الإعلان عن قيام ماسمي " بمملكة البحرين " في العام 2002، تشكل موضع جدل بينها وبين سكان البلاد الاصليين (شيعة وسنة) الذين ظلوا دائماً ينظرون اليها، على (أنها كانت ولا تزال مجرد قبيلة غازية) دفعتها أطماعها السياسية وجشعها الاقتصادي الى غزو البحرين واحتلالها وفرض القوة الغاشمة على أهلها وكافة مناطقها الآمنة .
وبأوهام "شرعية الفتح" وقوة النفوذ والهيمنة السياسية والاقتصادية المباشرة على المشيخة، ظل جميع أفراد عائلة آل خليفة، يتصرفون بالارض والكيان السياسي والثروة الوطنية، على أساس أنها ملكية خاصة لهم ولاحفادهم اللاحقون، وبموجب ذلك إستطاعت العائلة، أن تبني لنفسها قطاعاً عائلياً متفرداً بسلطة القرار السياسي، ومبتعدا عن عناصر تشكيل واقع المجتمع بكافة فئاته وهيئاته وانتماءاته السياسية واحترام حقوقه القانونية، وقادراً على مرور الزمن في الاستمرار بتنفيذ مشاريع الهيمنة السياسية والاستغلال الاقتصادي وإجهاض أية محاولة محتملة لطرح المطالب الشعبية، بفضل استخدام مختلف اساليب القوة والقمع وقهر الآخر، وغياب الحد الأدنى من الحريات الديمقراطية والدساتير التعاقدية الشرعية، وتوسيع النظرة الى استجداء الحماية الامنية مع القوى الكبرى في المنطقة و العالم والانجذاب بشكل محموم لتوقيع المعاهدات والاتفاقات الامنية والعسكرية لتحقيق تلك الأهداف .
ومع تطور الثقة بالنفس والتمكن من السيطرة على كافة مجريات الامور في البلاد، حاولت عائلة آل خليفة، توسيع تفردها بكل أدوات صنع القرار وسلب الثروة الوطنية، والنأي بنفسها تماماً عن الآخرين، حتى أولئك الدين قدموا لها الدعم والمساندة في عملية الغزو من القبائل العربية، فقد تنكرت لافضالهم وتآمرت عليهم عندما حان وقت تقاسم "غنائم النصر" بل وظلت على الدوام تثير المخاوف في نفوسهم بمعاملتهم كأعداء محتملين وليس كحلفاء يستوجب عليها تكريمهم وتقديم الشكر لجهودهم، وتقدير تضحيات مقاتلييهم الذين كانوا وقود معارك الغزو وحطبها، وذلك على قاعدة (من ليس منا فقد ينقلب علينا)، ليجلسوا هم وحدهم فقط على عرش المشيخة المنشودة، وقد برزت هذه النظرة الاحادية الاستعلائية المفرطة، بصورة واضحة وجلية مع الجميع، ولكن التصعيد الأكثر شذة وانتقاما، كان من نصيب عائلة آل الجلاهمة " الظلع الثاني في تحالف الغزو المشؤوم "، التي طالبت ذات يوم بأخذ نصيبها في السلطة والحكم، بموجب " الاتفاق " الذي أبرمته عائلة آل خليفة، مع كافة القبائل العربية، التي وقفت إلى جانبها و قدمت لها الدعم المعنوي والمساندة العسكرية ، الذي يقوم على تقاسم جميع " غنائم النصر " بالمناصفة عندما تنتهي معارك الغزو وتتوج باحتلال البلاد، إلا أن عائلة آل خليفة تنصلت من تنفيد ذلك الاتفاق وضربت به عرض الحائط، بل أنها شنت عليها معركة عسكرية ضارية قصمت ظهرها، ثم توعدت كبار زعمائها بعقوبات أكثر صرامة من نتائج الحرب، إذا ما إستمر بقائهم في البلاد وظلوا يثيرون ضدها القلق، فسارع أبناء جابر بن عتبة الأربعة وعائلاتهم واتباعهم بالرحيل الى شبه الجزيرة العربية خوفا من البطش، واستقر بعضهم هناك للعمل في مجال الزراعة والتجارة والاستثمار، و عاد البعض الآخر الى البحرين بعد مرور سنوات طويلة من نهاية الغزو واستتباب الاوضاع، ولكن كمواطنين عاديين، وقد منع عليهم ممارسة الشأن السياسي العام، و سمح لبعضهم بنسبة تحررية بسيطة في العمل بالتجارة، وبقوا منذ ذلك الوقت يحملون الضغائن المبطنة والمعلنة في بعض الاحيان، على عائلة آل خليفة، التي خذلتهم وسلبت منهم إنسانيتهم و كرامتهم و كافة إستحقاقات الغزو، والحقت بهم هزيمة مدوية في أشرس المعارك البحرية، التي دمرت فيها كل أساطيلهم قبالة الشواطىء الشرقية من شبه الجزيرة العربية، و قتل فيها زعيمهم جابر بن رحمة الجلاهمة، على حين غرة عندما كان يقود بنفسه رحى المعركة الضارية التي استبسل فيها جنود عائلة آل خليفة، وقدموا أفضل مالديهم من وحشية و من صنوف القتال، ويذكر بأن القبائل العربية، التي إنضمت لعملية الغزو هي، الجلاهمة والبنعلي والسودان والبوعينين والسلطة والقبيسات والمنانعة والسادة، إضافة الى مجموعة صغيرة متمردة وسط عائلة آل المسلم، قيل إنه غرر بها و تخلت عن مناصرة أهلها في مقابل حصولها على وعود غنائم الغزو، و حفنة من الامتيازات، التي لم تنال منها أي شيء يذكر، سوى نكران الجميل وتهميش الدور .
فواقع الأمر، بعد حقبة الغزو التي صادرت الارض والكيان السياسي وحقوق الانسان، قد إنطوى على ممارسة الاستبداد والتعسف العام ضد الجميع، وليس فقط قبيلة عربية أ و طائفة أو شريحة معينة من شرائح المجتمع البحريني، التي ظلت مند ذلك الوقت وحتى الآن، تواجه مختلف صنوف التعسف والاستبداد .
لم يستقبل أهل البحرين، عائلة آل خليفة، إستقبال "الفاتحين" كما كانت تزعم دائماً عبر كتبها ومناهجها التعليمية، التي فرضتها فرضاً في جميع المدارس والمعاهد البحرينية الرسمية والخاصة، والتي ظلت شعاراتها الاساسية المركزية تزهو دائما بـ"إسطورة البطولة والفتح المجيد" التي صورت لنفسها، بأنه توج بها (بطل الغزو) عميدها أحمد بن محمد آل خليفة، "انتصاراته الدموية في البحرين" وتخليد خصوصية العائلة الحاكمة وشرعية وجودها في البلاد، إلى آخر ما تفتق بها نسيج خيالها من أحلام القوة والمجد والهيمنة الفئوية الضاربة العنيدة، إنما استقبلوها كقبيلة غازية مارست السطو والقهر والاستيلاء على الارض والسياسة والاقتصاد، واغتصاب وسرقة أموال الناس وممتلكاتهم وكافة المرافق العامة، وممارسة السلطة والحكم كأمر واقع وليس بالصفة الشرعية، ويخشون المزيد من الظلم والبطش القاتل بالابرياء وتذمير حياتهم، استنادا إلى تجارب سابقة استخدمتها هذه العائلة في حروب التوسع والقرصنة، ولذلك ظل طوق الحديد العملاق التي كانت تلوي به أعناق أهل البحرين طوال تلك العقود البعيدة، مؤلما وعسيرا، وينتظر من يحطمه من الاجيال اللاحقة التي سوف تحمل رايات التحرر من الظلم والعدوان والتبعية المخيفة، فعمليات القمع والاستبداد والتعسف العام ورفض الاخر، قد أثارت بشكل واسع النطاق، حفيظة جميع الطوائف البحرينية، التي وقفت صفاً واحداً موحداً لمقاومة سياسات البطش، والتصدي بكل الوسائل النضالية المشروعة لتداعيات الغزو المشؤوم، حيث أكدت معظم الروايات التاريخية على صمود أهل البحرين في وجه الجحافل الغازية والحقوا بها خسائر فادحة في الارواح والعتاد، و قدموا بذلك أمثلة رائعة في البسالة والأستشهاد على مدبح الدفاع عن الارض وكرامة الأنسان البحريني، فكان واقع الحال آنذاك أمراً مبرراً ومحفزاً لإشعال فتيل الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية التي مازالت جدوتها مستمرة بين مد وجزر منذ ذلك الوقت و حتى اللحظة الراهنة .
و منذ تلك الفترة السحيقة التي تميزت بغرور القوة والعسف العام، وطوال السنوات الثلاث التي أعقبت تحويل الدولة الامنية إلى " مملكة " ظلت عائلة آل خليفة، تتمسك بتلابيب الحكم، و تكرر فرض شرعية وجودها ونفودها في البلاد، كأمر واقع، ليس فقط بأستخدام وسائل العنف، بل أيضا، مختلف الأوامر الملكية والمكرمات وإجراءات القمع المقننة وشراء الذمم وإعتماد نصوص " دستور المنحة الجديد " للعام 2002، المثير للجدل، الذي أصدره حمد بن عيسى آل خليفة، بقرار منفرد، و من دون إستشارة الشعب، ومشاريع البرلمان الصوري الفاقد للشرعية، ومجلس الشورى المعين بواسطة الحكم، و تمكين أفراد العائلة الحاكمة من إحتلال معظم المواقع القيادية الحساسة في الدولة والمجتمع، والذي يستمر فيها التشديد دائماً على الانفرادية السلطوية، وليس المشورة والرأي واحترام حقوق وواجبات المواطن البحريني .

هاني الريس

الخميس، 20 أكتوبر 2011

البحرين ... ماذا قال بلكريف بحق النظام الخليفي القمعي ؟

وصف تشارلز بلكريف، مستشار حكومة البحرين في حقبة الحماية البريطانية، السياسات التي مارستها عائلة آل خليفة، منذ غزوها للبلاد في العام 1783، بأنها "ظالمة واستبدادية" وكانت تبعث دائما برسائل الاساءة والبطش بالذات بالطائفة الشيعية، وقد إستطاع جميع افرادها والمقربون منها، الاستيلاء على الحرث والنسل في ربوع البحرين، عندما تمكنت بواسطة القهر والتعسف العام أن تبني لنفسها قطاعاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً منعزلاً تماماً عن جسم المجتمع البحريني، يستند الى فرض القوة الغاشمة والاستقواء بمعاهدات الحماية الاجنبية لتكريس أمنها وحماية نظامها السياسي والاقتصادي من كافة المخاطر الداخلية والخارجية المحذقة .
ويضيف بلكريف "أن هذه السياسة المعنية أساساً باظهار قوة العائلة الحاكمة وسطوتها على المشيخة والمجتمع، جعلت من البحرين بلداً اقطاعياً يحكمه حاكم اقطاعي هو وجميع أفراد عائلته، بحيث أصبحت جميع اراضي البلاد بمثابة ملكهم الخاص، ويتصرفون بها كما لو أنهم أصحاب البلاد الشرعيين والاصليين ".
هذا ماكان يراه مستشار الحكومة البريطانية تشارلز بلكريف، في حق العائلة الخليفية الاستبدادية القمعية، التي اثبتت فشلها الذريع في التعامل الايجابي مع شعب البحرين، الذي فقد الامل من مصداقية هذه العائلة، التي طالما قطعت على نفسها وعود التغيير والاصلاح والتسامح، ثم ماتلبث وأن تعود وتنقلب على مواثيقها و تعهداتها امام المجتمع بين ليلة وضحاها .
وعلى رغم أن عائلة آل خليفة، بذلت المحاولة تلو الاخرى من أجل كسب قلوب سكان البلاد الاصليين (شيعة وسنة) تارة باغراءات ما يمكن توفيره من المال والجاه، وتارة اخرى بفرض ضرورات الامر الواقع، الا انها لم تستطع ان تجد فرداً واحداً من المواطنين الشرفاء من يقبل لنفسه أن يكون متعاطفاً مع سماسرة ومغتصبي الارض والحقوق، سوى قلة قليلة جداً من اصحاب النفوس المريضة، ممن لهم طموحات سياسية واجتماعية واقتصادية مذلولة، ولقد وجد في كل عصر من يقف الى جانب الطغاة بحكم مثل هذه المصالح والامتيازات، الامر الذي جعل شعب البحرين بغالبيته الساحقة يتوحد في كتلة واحدة موحدة في وجه سياساتها الظالمة، ويوقد شعلة الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية الواحدة تلو الاخرى من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، ويكمن سر حقد عائلة آل خليفة، على الجميع انها لم تستطع الانصهار في جسم المجتمع البحريني، الذي ظل يرفضها على الدوام بسبب استبدادها واستهتارها بالارادة الشعبية .

هاني الريس

البحرين ... هل ينجح وزير العدل في قمع الخطاب الديني ؟

يسقط حمد وعائلته ومرتزقته " ... " العار كل العار لجيش الاحتلال السعودي " ... " التعدي على الرموز الدينية خط أحمر لايمكن تجاوزه " هذه الشعارات ترددها حناجر غالبية شعب البحرين يوميا تقريبا، عبر المظاهرات والاعتصامات الاحتجاجية المطلبية في جميع القرى والمناطق البحرينية، لتبقى بذلك جدوة الثورة الشعبية المباركة مشتعلة حتى تحقيق كافة المطالب الوطنية المشروعة، التي ناضلت واستشهدت من أجلها أجيال من شعب البحرين على مدى عدة عقود مضت ولاتزال تداعياتها قائمة الى هذا الوقت .
ليس هناك مجال للشك، بأن التهديدات السياسية والامنية التي يطلقها كبار المسؤلين في البحرين بين والفينة والاخرى، وكان آخرها تهديدات وزير العدل في النظام الخليفي، خالد بن علي بن عبدالله آل خليفة، حول إستهداف الرموز الدينية وخنق الخطاب الديني، تمثل مرحلة جديدة قاتمة من قمع الحريات العامة في البحرين والتصدي لاصوات المعارضة الوطنية والاسلامية بمختلف الوسائل القمعية، التي يمكن أن تفضح كل ممارسات النظام الخليفي، أمام الرأي العام الوطني والدولي .
أن كل التهديدات المباشرة وغير المباشرة من قبل وزير العدل في السلطة الخليفية القمعية، يمكن أن تكون بداية الشرارة الاولى للهجمة الوحشية الجديدة التي يستعد لاعلانها النظام الخليفي، في المرحلة القادمة لمواجهة تزايد المد الثوري الشعبي الداعم لاهداف ثورة الرابع عشر من فبراير/ شباط المباركة، وفرض الوصاية الرسمية على الخطاب الديني، الذي أخد يزدهر في خلال الفترة الأخيرة، بعد عجز النظام الخليفي، عن تطبيع الاوضاع، وإيقاف حملات القمع والاستبداد ضد الاصوات المطالبة بالحريات .
تهديدات وزير العدل، وعلى الرغم من مستوى كلماتها الهابطة ووضوح أهدافها ومقاصدها الطائفية، أحدثت صدمة موجعة في الاوساط السياسية والاجتماعية والدينية، التي إستنكرت بشدة هذه التصرفات الحمقاء، والتطاول على رموز وطنية ودينية تمثل موضع احترام وتقدير مختلف الفئات والطوائف البحرينية، وأعطت الدليل القاطع على إستمرار النظام الخليفي بفرض " القبضة الفولاذية " على كافة الحريات، بما في ذلك الحرية الدينية التي كفلها الدستور وكافة الاعراف الدولية، والتي ظلت على مدى العقود الماضية والراهنة موضع تكريم وتقديس من المجتمع البحريني برمته .
السوال المطروح الآن، هل يستطيع وزير العدل في سلطة آل خليفة، أن يقمع الخطاب الديني، الذي هو في حقيقة الأمر، أصبح بمثابة الحياة الأبدية في نفوس وعقول وأفئذة شعب البحرين المسلم والمسالم ويفرض عليه القيود ؟
كل المؤشرات المستقبلية والراهنة، تؤكد على عدم قدرة الوزير في تمرير هذه التهديدات التي إستخدمت في هذا الوقت بالذات بمثابة " بالونات إختبار " بهدف جس نبط المجتمع برمته، وبخاصة الطائفة الشيعية المعنية أساسا بمجمل هذه التهديدات، لانه يدرك تماما، حجم القاعدة الشعبية التي سوف تتوحد ضده، وسوف تسقط قراراته وإجراءاته اللادستورية وإللا شرعية، التي أخدت تستهدف الرموز الدينية عن طريق التهديد، وليس بواسطة الوسائل القانونية والدستورية، وبحسب العديد من المراقبين، فأن هذه التهديدات، ستظل فقط مجرد أوهام وبالونات أختبار، تتخلل بقايا أحلام النظام الخليفي، الذي لا يزال يدعي بأنه استطاع أن يقضي على ثورة الرابع عشر من فبراير/ شباط المباركة، ويحقق الأمن والاستقرار، لكن ما سيراه في مستقبل الأيام القادمة، من ثورة عارمة تهز اليلاد هو أفضع بكثير .

هاني الريس

وداعا رمز المناضلين وأبو الفقراء في البحرين

هاني الريس
تلقى شعب البحرين برمته، صبيحة يوم الخميس ( 1 سبتمبر/ أيلول 2011 ) ضربة موجعة في خاصرته، برحيل القائد المناضل الشجاع الوطني والقومي والاممي و أبو الفقراء والمسحوقين في البحرين، الأب الروحي لجمعية العمل الوطني الديمقراطي ( وعد ) المهندس عبدالرحمن محمد النعيمي، عن عمر يناهز 67 عاما، إلى جوار ربه راضيا مرضيا بكل ما قدمه من تضحيات جسام من أجل البحرين وشعبها الذي لايزال يحمل حلم هذا المناضل بوطن يتسع للجميع .
الأب القائد والرمز أبو أمل، الذي رحل في أشد الاوقات حساسية في الساحة البحرينية، على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والامنية، وقف دائما مواقف نضالية مشرفة وأبوية صادقة ومخلصة ومدافعة عن قضايا شعب البحرين برمته، وكذلك القضايا الانسانية المتعددة، من دون كلل أو تعب أو رغبة في نيل الامتيازات ومكاسب الجاه والمال، فهو قد بدأ حياة النضال الطويلة التي إستمرت زهاء أكثر من 50 عاما من الزمن، منذ زهرة شبابه عندما كان يتلقى علومه في مدارس البحرين الابتدائية والاعداية والثانوية وحتى تخرجه من الجامعة الاميركية في بيروت في ستينيات القرن الماضي ( 1966 )، حيث شارك في العديد من التظاهرات الطلابية والتحركات الاحتجاجية الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية والكرامة الوطنية والاستقلال وبناء دولة المؤسسات الديمقراطية الدستورية المنشودة في البحرين، ومختلف القضايا المساندة الداعمة لتحرير فلسطين من براثن الصهيونية، والاقطار العربية من الاحتلالات الاجنبية الغاشمة، وانخرط في العديد من التنظيمات السياسية المعارضة في البحرين والخليج من بينها حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج والجبهة الشعبية في البحرين الذي ظل على رأسها امينا عاما طوال سنوات النضال السري في البحرين والمنافي القسرية في بعض العواصم العربية، وكان موسس اول جمعية سياسية معترف بها رسميا في الخليج هي جمعية العمل الوطني الديمقراطي ( وعد )، ولم يكتف بذلك بل حمل هموم الشعوب العربية والاممية في نضالاتها من أجل الحرية والكرامة والاستقلال والتبعية الأجنبية، بصرف النظر عن العرق أو الجنس أو المعتقد، وظل مدافعا شرسا وقويا عن الحق والعدل والكرامة الانسانية في وجه الطغيان وانتهاكات حقوق الانسان وكافة القيود السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي حاولت فرضها بالقوة والقمع الانظمة الاستبدادية ضد شعوبها ومنعها من نيل حريتها واستقلالها واختيار أنظمتها السياسية الوطنية وعلاقاتها الخارجية .
وطوال فترة حياته في النضال الوطني، وقف عبدالرحمن محمد النعيمي، إلى جانب قضايا الفقراء والبؤساء من شعب البحرين، ولم تستطع ادوات أية سلطة قمعية، أن تهزم إرادته أو تحبط عزيمته في النضال، أن تفعل شيء للاضرار بشعبيته وسمعته وصموده، حيث إحتل هذا القائد الفذ مرتبة الرمز والاب الروحي لكل المناضلين والطامحين لبناء الوطن الذي يتسع للجميع في البحرين .
تعرفت على المناضل الشجاع النعيمي، في بيروت في العام 1979 عندما كنت أعيش في المنفى القسري نتيجة حقبة القمع التي سادت في البحرين خلال سنوات قانون ومحاكم أمن الدولة السيئة الصيت، ورافقته في دروب النضال طوال 20 عاما في المنافي البعيدة، ووجدت فيه روح النخوة والشهامة وتقديم المساعدة للمحتاجين، والصدق والدفاع الشديد عن قضايا شعب البحرين وكل الفقراء والمحرومين في مختلف بقاع العالم، وقد حمل على أكتافه راية النضال وتعريف قضايا شعب البحرين في المؤتمرات والمنتديات والتظاهرات والعديد من وسائل الاعلام في مختلف العواصم العربية والعالمية .
وعندما عاد النعيمي من المنفى القسري الذي استمر اكثر من 40 عاما، إلى الوطن بعد الانفراج السياسي في العام 2001، واستقبلته بمعية رفيق دربه في النضال المهندس عبدالنبي العكري، في مطار البحرين الدولي آلاف الجماهير من مختلف الفئات والتيارات والطوائف البحرينية، عرضت عليه الكثير من الامتيازات السياسية والمادية والمعنوية التي رفضها بقوة، وتخلى عنها من أجل متابعة طريق النضال وتحقيق احلام وطموحات وأماني شعب البحرين في بناء الدولة البرلمانية الدستورية التي ناضلت واستشهدت من أجلها أجيال من شعب البحرين .
منذ ذلك الوقت كان النعيمي بطلا شامخا في النضال، لا تهز شخصه القوي الرياح ولا العواصف ولا الاغراءات، ويحظى بمحبة الناس جميعا سواء على المستوى الوطني او العربي او الدولي الذين عايشو حياته النضالية والاجتماعية عن قرب، التي عرفت بنموذج الأب الروحي والمناضل الصلب .
رحل القائد المناضل عبدالرحمن محمد النعيمي، إلى جوار ربه راضيا مرضيا بكل ما قدمه من تراث وارث نضالي مشهود له من الجميع، وحياة حافلة بالعطاء والتضحيات الجسام من اجل الشعب والوطن، لكن يبقى الأمل في حياة الاجيال التي تشربت أفكارها وثقافاتها واحلامها من ينابيع الافكار الصادقة والمخلصة التي ضحى من أجلها طوال حياته .
رحم الله المناضل الأب عبدالرحمن النعيمي وادخله فسيح جناته مع كافة الشهداء الابرار .

" ورود ودموع " شباب البحرين في دوار اللؤلؤة

هاني الريس
يمسك شباب البحرين المعتصمون هذه الايام في و سط دوار اللؤلؤة، في المنامة العاصمة، بزمام التحركات الاحتجاجية المطلبية التي اطلق عنانها من القمقم " شباب انتفاضة الرابع عشر " من فبراير/ شباط 2011، في عصر جديد من التغيرات العربية والدولية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان، ففي أعقاب انتصار الثورتين التونسية والمصرية، التي أبهرتا العالم برمته، برفضهما مختلف أساليب العنف، تبنى شباب البحرين، كافة شعاراتها الحضارية السلمية الملهمة، وانطلق من خلالها مطالبا بأبسط حقوق المواطنة المشروعة، بعيدا عن أية ايديولوجيات أو طوائف معينة أوتلقي أوامر وتوجيهات داخلية أو على المستوى الخارجي .
وبسبب التاريخ الطويل لقوى المعارضة البحرينية، التي مارست ثقافة السلم في حق التعبير عن حريات الرأي والحقوق المدنية، منذ عدة عقود مضت، فقد رفعت حشود المتظاهرين في دوار اللؤلؤة وكل مكان في المدن والقرى البحرينية، الورود الحمراء التي ترمز إلى قوة المحبة، و شعارات الاخاء والتعايش المجتمعي وتلاحم الجبهة الداخلية، التي عكست بالتأكيد خصوصية الشعب البحريني وتكاتفه وطرح مطالبه عبر تظاهرات الاحتجاج السلمي، بعيدا عن ممارسة العنف ومختلف اشكال " التخريب الشعبي " التي قد تؤدي إلى تشويه مشهد مسيرة أي حركة إحتجاجية مطلبية .
ولكن بالرغم من سلمية الحركة المطلبية، والتزامها بالقوانين المعمول بها في البلاد ، باغتت قوات الامن جموع المعتصمين في الدوار وهم نيام، وأطلقت عليهم نيران اسلحتها المختلفة، ما أدى إلى سقوط عدة شهداء ومصابين بجروح خطيرة ناهيك عن المفقودين والمنهكين تحت تأثير الغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاطي، الذي أدمى قلوب عامة المواطنين في البحرين والوطن العربي والعالم، رغم انها بررت في بادىء الامر هذه المباغتة كوسيلة لمواجهة مخاطر فتنة طائفية تهدد وحدة المجتمع البحريني وتلاحمه، فقد برهنت ردات فعل شباب الدوار، على حضارية سلوكهم التي تميزت بالتسامح وعدم الانجرار إلى المواجهة العنيفة مع قوات الأمن، وعدم مبالاتهم بالتحدي بعد الاعلان عن نشر قوات الجيش وإخلاء الدوار من حشود الجماهير .
وكان الايمان بعدالة القضية واصرار الشعب على مواصلة الاعتصام حتى تتحقق جميع مطالبه، هو وحده الذي دعا ولي عهد البحرين، بالاسراع إلى تلبية مطلب سحب الجيش وقوات الامن من محيط الدوار والدعوة لاجراء حوار وطني مسؤل لحل الازمة، ومحاسبة المسؤلين عن سفك الدم .
و أظهرت المواقف الاقليمية والعربية والدولية، أزاء سلمية التظاهرات في البحرين، قدر واسع النطاق من الاهتمام السياسي والدبلوماسي والتغطية الاعلامية، مما أجبر زعيم أكبر دولة في العالم الرئيس الاميركي باراك اوباما ووزيرة خارجيتة هيلاري كلينتون، و كذلك حكومات الاتحاد الاوروبي، إلى التنذيد باستخدام العنف المفرط ضد التظاهرات المعتدلة و المسالمة، ومطالبة الاطراف المتصارعة في الساحة البحرينية، بممارسة ضبط النفس، وحينما أعلن ولي العهد عن رغبته في إجراء حوار وطني، رحبت المعارضة بهذه المبادرة المسؤلة، لكنها اشترطت قبل بدء الحوار بالشروع الجدي في تحقيق المطالب الوطنية المنشودة، أدت إلى تجاوب السلطة مع غالبية هذه المطالب، التي كانت ترفضها في كل الانتفاضات السابقة التي شهدتها البحرين منذ عدة عقود مضت، بطريقة خطت خطوات كبيرة في فهم المطالب الوطنية، التي نأمل أن تنجز قريبا بعيدا عن المداورات والمماطلات وفرض ضرورات الامر الواقع، التي لا تؤدي إلا لتأزيم الوضع وحدوث الاسواء .

مجلس حقوق الأنسان ... و أطفال البحرين

أقر مجلس الشورى البحريني في جلسته يوم الاثنين 18 كانون الثاني / يناير 2011، المواد العاشرة والحادية عشر والثانية عشر، من مشروع قانون الطفل بناء على التوصية الاولى للتقرير الاول الذي تقدمت به البحرين إلى مجلس حقوق الأنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، وتعطي المادة الحادية عشر من المشروع " للطفل الاولوية في الحصول على الوقاية والاغاثة عند الكوارث الطبيعية أوتلك التي من صنع الأنسان أو الحروب "
وذكرت وزيرة التنمية الأجتماعية فاطمة البلوشي، أن وزارتها تسلمت رسالة من جنيف، تقول بأن مناقشة تقرير البحرين الثاني حول حقوق الطفل ستتم خلال شهر مايو / آيار أو يونيو / حزيران المقبل، وأن هذا التقرير هو قيد الدرس والمراجعة الدقيقة .
ليس من شك في إهتمام وزارة التنمية الاجتماعية وغيرها من المؤسسات الرسمية المعنية بحقوق الانسان، في متابعة أوضاع الاطفال في البحرين، سواء على المستوى الوطني أوفي أروقة مجلس حقوق الانسان في جنيف، لكن المسؤلين البحرينيين منذ توصية التقرير الاول، لم يتخدوا مايمكن وصفه بالقرارات الجادة والدقيقة المتعلقة بألاوضاع الانسانية والحياتية الصعبة التي يعيشها الكثير من أطفال البحرين، و لاسيما إؤلئك الاطفال القصر، الذين يرزحون منذ عدة شهور مضت، في مراكز الأمن، رهن التحقيق تحت جنحة المشاركة في " أعمال تخريب " حدثت في البلاد خلال القترة الأخيرة، من دون أن توجه لهم السلطات المختصة، أي تهمة رسمية، برغم تدهور أوضاعهم النفسية والصحية، ورغم المناشدات والمساعي الحميدة بالعمل على اطلاق سراحهم، وهو ماقد يراكم العديد من نقاط الضعف في حيثيات التقرير الثاني الذي ستقدمه البحرين إلى مجلس حقوق الانسان خلال شهر مايو/آيار أو يونيو / حزيران المقبل .
فاستمرار بقاء عدد من الاطفال القاصرين رهن التحقيق دون معالجة اوضاعهم وهم يمضون حياة معزولة عن اهاليهم واصدقائهم والمجتمع، ويحرم بعضهم حتى من تقديم واجباتهم وامتحاناتهم المدرسية، ليس فقط مخالفة للقوانيين والتشريعات الوطنية والدولية التي تنص على حق الطفل أن يكون طرفا فاعلا في عملية نموه وفي الاعراب عن آرائه ومشاركته على نحو فعال ومبدع في الحياة الاجتماعية والسياسية في وطنه، بل أيضا محاولة واضحة للهروب من موضوع الاهتمام الرسمي بمعالجة قضية هامة وحساسة لكل هؤلاء الاطفال الموقوفين منذ فترة طويلة على ذمة الاستجواب، و شغلت في الآونة الأخيرة حيزا كبيرا من تفكير الناس والصحافة البحرينية، و أصبحت موضوع اهتمام من الرأي العام و المنظمات الحقوقية الدولية .
مافعله هؤلاء الاطفال من " ذنوب بريئة "، هو انهم خرجوا إلى الشارع يلهون ويلعبون كغيرهم من اطفال المجتمع، وهذا بواقع الحال حق مشروع من صلب حقوقهم، التي نصت عليها كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الطفل، و الموقعة عليها البحرين منذ عدة سنوات مضت، وإذا بهم يجدون انفسهم بين ليلة وضحاها، في غياهب المعتقل، من دون الاستناد إلى مادة قانونية واحدة تبرر صورة ذلك الاعتقال .
ان استمرار بقاء هؤلاء الاطفال رهن التحقيق، لفترة طويلة مقبلة من دون معالجة قضيتهم وفق القوانيين والتشريعات التي تضمن لهم حق الاعراب عن آرائهم، سيضع ملف البحرين في مجال حقوق الانسان، امام تحديات كبيرة للخروج من اشكالية القبض على اطفال قاصرين وابقائهم رهن الاعتقال والاستجواب، من دون توجيه أي تهمة رسمية مباشرة بحقهم، تبرر إستمرار إحتجازهم كل هذه الفترة الطويلة، سيوفر محاولات كثيرة لاجتذاب اهتمام الرأي العام الدولي بصورة أوسع حول هذه القضية، فأي تأخير في هذا الشأن، هو خسارة من رصيد البحرين في مجال الرعاية والاهتمام بحقوق الانسان،التي تنشده عندما يحين وقت مناقشة سجلها في حقوق الانسان امام المنظمة الدولية، وضياع مستقبل الاطفال الموقوفين، في الحياة والتعليم والرعاية الأسرية، ويضاعف من معاناتهم الصحية والنفسية والفكرية ، وقد تكون هذه فرصة ثمينة للبحرين، أن تولي أهمية جدية بمعالجه سريعة لهذه القضية الأنسانية والحساسة، كي تنأى بنفسها عن ذروة المسائلة والمحاسبة، و بما يمكنها من تحقيق الشروط والالتزامات الدولية المطلوبة، تجاه الرعاية الوطنية للطفل، والقدرة على بناء الغد الافضل، وليس العكس الذي قد يحرم الاطفال الموقوفين التمتع بحياة الطفولة المفعمة بالمرح واللعب وحلم المستقبل .

البحرين ... مرحلة مابعد ثورة 14 فبراير المباركة

قرابة سبعة شهور مضت على ثورة الرابع عشر من فبراير/ شباط المباركة في البحرين، ولا يزال النظام الخليفي القمعي عاجزا عن تحقيق الامن والاستقرار وكافة القضايا الجوهرية محل الخلاف بين المعارضة والحكم التي تفجرت بسببها الاحداث الدامية المؤلمة الاخيرة في البحرين، وتصدت لها الاجهزة الآمنية القمعية بكافة الوسائل الاستبدادية القمعية، التي لم تحقق لها شيء يذكر سوى تشويه صورة البلاد في المحافل الدبلوماسية والحقوقية الدولية .
لا أدوات القمع إستطاعت أن توقف زحف التظاهرات الاحتجاجية المطلبية في مختلف المناطق البحرينية، ولا عزيمة الثوار واصرارهم على تحقيق كافة المطالب الوطنية المشروعة تراجعت بفعل العسف العام الذي طال المجتمع البحريني برمته، بل على النقيض من ذلك، توسعت حركة الاحتجاجات واكتسبت عمقا شعبيا متزايدا رغم التصعيد الامني وحرمان المواطنين من أبسط حقوقهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية المشروعة، وبلغت تداعياتها كل ركن من أركان الساحة البحرينية،ونشرت كل تفاصيل أحداثها على مستوى وسائل الاعلام والصحافة العالمية .
وفي ظل استمرار النظام الخليفي بالتصدي لجميع المطالب الوطنية المحقة والعادلة، وممارسة العنف بدلا من استخدام الوسائل السلمية لحل جدور الازمة الراهنة في البلاد، يواصل ثوار الرابع عشر من فبراير/ شباط، وكافة القوى الوطنية والاسلامية، تحركاتهم على أكثر من صعيد، مبشرين بثورة جديدة مزلزلة تسقط النظام الخليفي القمعي ومرتزقته وأبواقه في الداخل والخارج، على غرار ما حدث في ثورات الربيع العربي، التي أنهت حكم بن علي ومبارك، والقت بهما في مزابل التاريخ من دون أن ينالوا ذرة واحدة من الشفقة .
و مع تمادي النظام الخليفي في ممارسة القمع والاستبداد ورفض الآخر، تنشط الغالبية الشعبية في حركة واسعة النطاق تستقطب خلالها المزيد من القيادات السياسية والحقوقية والدينية والانصار والقواعد الشعبية، من أجل تعزيز وتقوية الجبهة الداخلية، التي سوف تقود نهج الاستمرار في النضال المشروع من أجل تحقيق كافة الاهداف والمطالب الوطنية المشروعة، وهذا يعني التصدي بحزم لمشاريع النظام الخليفي السياسية والاجتماعية والامنية والعسكرية المشبوهة التي تنتهجها لمواجهة الارادة الشعبية، ضمن ثورة عارمة تفاجىء النظام واسياده عائلة آل سعود، خصوصا اذا ما توسعت الاضرار والخسائر البشرية في صفوف المواطنين الابرياء المطالبين بالمساواة والعدل وقيام الدولة البرلمانية الدستورية، واصر النظام الخليفي القمعي على مواقفه الرافضة لتحقيق كافة المطالب الشعبية المشروعة التي استشهدت من أجلها كواكب من شعب البحرين على مدى عدة عقود مضت، وجميع الذين مازالوا يشعرون بالظلم وبأن حقوقهم تنتهك بشكل يومي ودمائهم تسفك على مدبح الحكم .

هاني الريس

البحرين … الذكرى 40 لعيد الاستقلال ودور المعارضة لاسقاط النظام الخليفي

البحرين … الذكرى 40 لعيد الاستقلال ودور المعارضة لاسقاط النظام الخليفي .

موعد إحياء الذكرى 40 لاعلان استقلال البحرين عن التاج البريطاني، يقترب من بدء انطلاقته في ( 15 أغسطس 2011 ) الذي حاول نظام عائلة آل خليفة اسقاطه وتغيير اسمه الى " العيد الوطني أو عيد الجلوس على العرش "، بعد جلاء قوات الانتداب البريطاني من اراضي البلاد في اواخر العام 1971، وقيام ماسمي ( بمجلس الدولة ) الذي تسلم زمام الامور لادارة شؤون البلاد، و الذي كلف بتشكليه بقرار أميري، خليفة بن سلمان آل خليفة، وضم نخبة من افراد العائلة الحاكمة، وبعض التجار والاكاديميين وافراد العائلات المحسوبة على النظام الخليفي الحاكم، الذين وقفوا بصلابة غير معهودة للدفاع عن مصالح الحكم ومختلف مؤسساته الصورية و مشاريعه المشبوهة في وجه الارادة الشعبية، التي ناضلت من أجل الحرية والديمقراطية والاستقلال وبناء دولة القانون والمؤسسات البرلمانية الدستورية، وقدمت كواكب من الشهداء والمعتقلين والمنفيين في مختلف العواصم العربية والعالمية، بداء من ثورة الغواصين والثورات التي رفضت الظلم والاستبداد، مرورا بانتفاضة هيئة الاتحاد الوطني، في سنوات الخمسينات، وانتفاضة الخامس من مارس في الستينات، والانتفاضة الدستورية في التسعينات، وصولا إلى ثورة الرابع عشر من فبراير/ شباط 2011، التي زلزلت اركان النظام الخليفي القمعي، ووصلت ارتجاجاتها إلى عروش الانظمة القبلية الخليجية ومن على شاكلتها حول العالم، والذي ادى في النهاية إلى قيام الدكتاتورية المفرطة، ودولة المخابرات الرهيبة بقيادة الثنائي ( خليفة بن سلمان والمرتزق البريطاني إيان هندرسون ) التي عملت على مدى عدة عقود على سحق التطلعات الشعبية، واودت بحياة اعداد هائلة من الشهداء الابرار وتشريد مئات العائلات البحرينية في المنافي البعيدة، ولعل الوقت قد حان الآن، لعملية التغيير الحقيقي والجوهري، حيث تشهد الساحة البحرينية في هذا الوقت الدقيق والحساس حراكا متواصلا من غالبية جماهير الشعب المطالبة باسقاط نظام الفساد والاستبداد الخليفي، الذي احتل الارض والكيان السياسي من خلال عملية الغزو الغاشم التي قادها الجد الاكبر للعائلة أحمد بن محمد آل خليفة ( الملقب لديها بالفاتح ) أن تتضافر الجهود والامكانات السياسية والاجتماعية والثقافية والفنية الشعبية، لاحياء ذكرى الاستقلال التي استبدلها النظام الخليفي القمعي، بماسمي ( بالعيد الوطني ) حيث إعتلى أمير البحرين الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة، عرش المشيخة في( 16 ديسمبر/ كانون الاول 1961 )، والقيام بحملات واسعة النطاق لتعريف الراي العام العربي والاقلي الدولي بنضالات شعب البحرين وتضحياته المستمرة من اجل الحرية والديمقراطية والاستقلال، وفضح ممارسات النظام الخليفي القمعي ومختلف مشاريعه المشبوهة التي حولت البلاد إلى " مستنقع الازمات الكبيرة " و " ومطية " تتلاعب بها القوى الاستعمارية الاقليمية والدولية، مع المحافظة على كافة المكتسبات التي كرست تحت شعارات الوحدة الوطنية والنضال من أجل قيام دولة الحكم الدستوري والحريات، ونبذ الطائفية المقيتة الذي زرع بدورها النظام الخليفي وظل يروج لها منذ تاريخ الغزو وحتى اللحظة الراهنة بفضل أجهزته الاعلامية القوية، وابواقه في الداخل والخارج .
مامن هناك أدنى شك في أهمية الدور الذي سوف تلعبه كافة القوى الوطنية والاسلامية البحرينية، من اجل التعريف باهمية هذه المناسبة التاريخية، ولكن ماهو مطلوب وضروري في هذا الوقت بالذات، هو قيام مشروع وطني وحدوي متكامل، يدعوا إلى مشاركة كل أطياف المجتمع البحريني، إلى الانخراط في التظاهرات السلمية عشية الاحتفالات بهذه المناسبة، تكرس مسؤلية النظام الخليفي المباشرة عن استمرار ضلوعها في الازمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتمييز الطائفي وتغيير التركيبة السكانية على اسس طائفية والاستقواء بالخارج الاجنبي، وقمع التظاهرات الاحتجاجية السلمية وقتل المتظاهرين بالرصاص الحي والمطاطي والقنابل الخانقة والمحاكمات الجائرة ضد رموز وقيادات وقواعد الحركة الوطنية والاسلامية، ووضع البلاد رهينة تحت قيادة الادارة الاميركية و جيش الاحتلال السعودي، وفصل العمال والموظفين من اعمالهم و الطلاب من مدارسهم وجامعاتهم، والابقاء على تأزيم الاوضاع في البلاد وعدم القبول بالمناشدات المحلية والعربية والدولية الحميدة،الرامية إلى تخلي هذا النظام عن ممارسة القمع والاستبداد .
نأمل أن تحل هذه الذكري التاريخية في 15 اغسطس الجاري، العزيزة على قلوب شعب البحرين، ونجد نظام عائلة آل خليفة، قد لفض أنفاسه الاخيرة وتهاوى امام اصرار الشعب بغالبيته المطلقة على اسقاطه، وقيام الدولة البرلمانية الدستورية المنشودة.
هاني الريس