الأحد، 7 ديسمبر 2008

عبد الوهاب حسين ... فرصة الحوار الأخيرة

بعد مضي أكثر من عشرة شهور ، على مبادرة الحوار والمصالحة الوطنية ، الذي أطلق عنانها ، الناشط السياسي ، عبد الوهاب حسين ، من أجل قيام مشروع وحدة المعارضة، وبرنامج عمل وطني ، وقيادة مسوؤلة تلتزم بقضايا الناس والوطن ، يتساءل الكثيرون – ونحن منهم – عن المصير الذي آلت اليه هذه المبادرة،بعد أن تعذر على جميع القوى الراعية فيها ، المضي قدما نحو تحقيق أهدافها المنشودة ،ومن أبرزها قضايا الاصلاح الديمقراطي و تعزيز مسألة الحوار والمصالحة الوطنية ،هل أضاع المشاركون في المبادرة ،من جمعيات سياسية ونشطاء سياسيين وحقوقيين وشخصيات مستقلة، الفرصةالأخيرة لإنجاح المبادرة بعد فترة طويلة جدا من التباعد وتعليق الحوار بينهم ؟ أم انه لاتزال امامهم فرصة واحدة وأخيرة ، يمكن من خلالها العودة إلى النقطة التي إنتهى عندها الحوار ، وبالتالي تضميد الجراحات التي مزقت شمل هدا التحالف ؟

المعلومات الواردة مؤخرا ، من أكثر من مصدر ،تثير المخاوف ، وتفيد بأن صاحب فكرة المبادرة ومنسق اعمالها الناشط عبدالوهاب حسين ، يتأهب للاعلان قريبا ،عن تعذر المضي في متابعة أعمال المبادرة ، بسبب وجود عقبات وعوائق كثيرة تعترض طريق الحوار والمصالحة ،بعد انفراط عقد التفاهمات الايجابية ، والتأجيل المستمر لجلسات الحوار والتفاهم ،وانسحاب بعض المشاركين من الشخصيات الوطنية والاسلامية ، احتجاجا على ضعف مستوى العمل وقصور المشروع الوطني ، ورغبة بعض الجمعيات السياسية المؤثرة في الساحة ،في الاستحواذ على القرار ، وعلى تأكيد وتكريس ضبغة عقائدية معينة في صلب برنامج العمل الوطني ، الذي يجب أن يتحرر من أية قيود مذهبية وعقائدية وحزبية وطائفية ،و تعثر السبل الكفيلة بدعم فرص الاستمرار في النجاح. إذ يذهب عديدون ممن لايشك بتعاطفهم مع مسارات المبادرة ، الى أن عبدالوهاب حسين ، كان منذ اللحضة الاولى لولادة مبادرته ،يبذل أقصى مالديه من جهد ،في سبيل إيجاد صيغة توافقية للحوار تكون مقبولة للجميع ،حتى يتمكن من شق طريق المتابعة بتجاوز المعضلات والمشاكل المعقدة ،ولكنة مع بالغ الاسف ، تعسر عليه التفاهم مع جماعات متنافرة ومتخاصمة بسبب توجهاتها السياسية والعقائدية والطائفية التي كانت سائدة منذ عقود بعيدة مضت. وهو لايزال حتى الآن يعاني من عدم القدرة على تجميع الصف الوطني ،واقناع الجمعيات السياسية وشخصيات المعارضة ، من العودة الى طاولة الحوار وإحياء المبادرة من جديد ، نتيجة لتعمق الشرخ بينهم ،حتى حيال من هم مازالوا يشدون إزره ، ويناضلون من أجل إنجاح المبادرة وتعزيز دورها في قيادة الساحة الوطنية.

والحقيقة ، أن هذه المبادرة التي أراد لها عبد الوهاب حسين أن تخرج بمشروع وطني موحد لحماية مصالح الناس والتأكيد على حقوقهم ،ونبذ الفتنة الطائفية المستعرة منذ فترة طويلة ،لم تكن لتتوقف وخاصة في هذا الظرف الصعب ،لو لم تكن هناك حساسيات مفرطة بين جمعيات سياسية وفئات وشرائح اجتماعية وعقائدية وطوائف في المجتمع ، وثقافات أمتيازات ومصالح واقصاء وتهميش ، من مختلف قوى المعارضة ، لاثقافات تفاعل وتلاحم وحوار ومصالحة. لو لم تكن هناك ثقافات تشذد وانغلاق على الذات ، وعدم الاعتراف بالآخر كشريك فعلي في قيادة المشروع الوطني وتحمل المسؤولية ،أي أن الاعتراف بالآخر طريق لتحقيق الأهداف الوطنية المنشودة.

الانقسام والتباعد والتنافر الحاصل اليوم ، بين الاطراف المشاركة في المبادرة ،يؤكد بصورة قاطعة هشاشة دور المعارضة وتحالفاتها ،وتبين أنها معارضة يائسة ومشرذمة ومدجنة، ولم تستوعب بعد مسائل الحوار الديمقراطي والتعايش السلمي والتغيير الحقيقي والجوهري ، على رغم مايقال من أن بعضها كان يتمتع بخواص وتجارب نضالية عريقة. وماهو واضح اليوم، أن فريقا منها يريد الاستحواذ على مفاصل القرار والتمسك بنهجه السياسي والعقائدي ، بينما فريق آخر يحاول بشتى الوسائل أن يصفي حساباته مع الآخر ، ويسعى للاخلال بموازين الحصص والتفاهمات لمصلحته من دون محاولات التصدي لسياسات الظلم وإنعدام المساواة والتشهير والتكفير والتناحر الطائفي.

وفريق ثالث إستسلم في قرارة نفسه أمام التطورات والتغيرات الجديدة الطارئة على الدولة والمجتمع ،وسلم بالتالي انه لاتوجد هناك أية حلول للمعضلات والمشاكل القائمة في البلاد ، سوى الخضوع لضرورات الأمر الواقع ، وإنتظار ما ستسفر عنه الاأام القادمة من مشاريع أو مكرمات من اصحاب النفوذ في السلطة والحكم. ولكن هناك من هم من لايزال ،يؤمن -وهم قلة قليلة – بأن بعض الاوراق السياسية مازالت باقية ولم تحترق بعدبشأن المطلب الديمقراطي وحقوق الانسان ، وبأستطاعتهم لعبها بتحريك الشارع بالوسائل السلمية،ولتحقيق حلم غالبية الناس بالعيش في مجتمع العدل والمساواة والتكافؤ الاجتماعي.

وماهو واضح أيضا ، أن قوى المعارضة والتغيير في البلاد ،تعيش هذه المرحلة في أزمه خانقة تسببت بها لنفسها ،من اهمها على الاطلاق ، إفتقادها لمشروع سياسي جوهري وحقيقي ، وقيادة جماعية أو إحادية قادرة على استيعاب التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد حاضرا وفي المستقبل ، وقادرة على إقناع الناس بمشروعاتها وتحركاتها الوطنية ،لضمانات التفافهم حولها ودعمها في المسائل الجوهرية المطلبية. وكانت لديها الفرصة للانطلاق بمشروع قيادة وطنية مناضلة ومضحية، مدعومة بشخصيات وطنية واسلامية ملتزمة بقضايا الناس والوطن من بين المشاركين في مبادرة الحوار الوطني أو سواهم ، وفي مقدمة هؤلا الناشط السياسي عبد الوهاب حسين ، المعروف بأستقامته والمناضل الذي رافق الشهيد الشيخ عبد الامير الجمري ، ذلك الشيخ الجليل والقائد الرمزالذي ناضل من أجل كل الشعب والوحدة الوطنية في كل سنوات نضال الحركة الدستورية في تسعينيات القرن الماضي، والذي لاتنقصه شروط القيادي المعارض الصلب.

انه من المحزن حقا ، أن يتوقف العمل بهذه المبادرة بسبب بعض التجاذبات الفكرية وحفنة الامتيازات السياسية والذاتية ، وأن تتبدد أحلام كبيرة عقدت على وجود قيادة وطنية واحدة وموحدة تنتصر لقضايا الانسان والوطن. فهل يمكن أن تدرك قوى المعارضة والتغيير هذه الحقيقة ، وتبادر لالتقاط الفرصة الاخيرة التي يمكن لها إعادة الروح الى هذه المبادرة بشفافية وموضوعية؟ وتبادر أيضا الى عمل إيجابي مفيد يحقق أحلام الناس في الديمقراطية والحريات ، ويعزز من دور الوحدة الوطنية ؟



هاني الريس


ليست هناك تعليقات: