السبت، 28 فبراير 2009

المملكة الدستورية ... وحقوق المواطن البحريني

في كل مناسبة من المناسبات العديدة، التي تحتفل بها السلطة البحرينية، منذ الاعلان عن تحويل الدولة الى مملكة في العام 2002 وحتى اللحظة، يتحدث كبار المسؤلين في الدولة الرسمية، عن إعتزازهم وتقديرهم واحترامهم للمواطن البحريني، ومدى التزامهم بالمثل والقيم والمبادىء العامة الديمقراطية والانسانية والاخلاقية المكرسة في ميثاق العمل الوطني و ( دستور الحكم للعام 2002 )

وفي كافة المعاهدات والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الانسان، والسعي الذؤوب من أجل تكريس وتعميق التفاعل السياسي والاجتماعي والفكري والثقافي مع المجتمع، مؤكدين في مختلف تصريحاتهم للرأي العام البحريني والعربي والدولي، بأن البحرين كانت منذ عقود بعيدة مضت ولاتزال، تعيش في ظل ( قيادة رشيدة ) أرست كافة دعائم الأمن والاستقرار، وناضلت من أجل سيادة واستقلال البحرين، ورفعت لواء التفاني من أجل خير هذا الوطن ونهضته وعزته وكرامته .
هكذا صار كبار المسؤلين في البحرين، يتحدثون لمختلف وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية على حد سواء، ويقولون لضيوفهم من خارج البلاد، انهم يبذلون المزيد من الوقت والجهد والعمل من أجل تقدم البحرين ورقيها، لكي تواكب مستوى التطور والتقدم والرقي، القائم في كل الممالك الديمقراطية الدستورية .
ويتحدثون عن تأمين وضمان سيادة القانون وتحقيق التنمية ودعم الفصل بين السلطات الثلاث وتوفير الحريات العامة والمساواة بين المرأة والرجل في أداء الواجب الوطني والتمتع بجميع الحقوق والواجبات وفقا لمبادىء القانون، ومنع التمييز، وتوفير كافة الفرص الاجتماعية والاقتصادية والصحة والتعليم والاسكان وفق معايير عالية الجودة .
من حقهم أن يقولوا كل شيىء ويفتخروا بكل شيىء، مادامت السلطة والثروة والجاه ومختلف وسائل القوة مكرسة ومعززة في أياديهم، ويحركونها ويوجهونها كيفما يشاؤن ويرغبون، بعيدا عن أية مراقبة ومكاشفة ومسائلة ومحاسبة من أحد، لانهم بحسب أقوالهم ( ولاة الامر ) ووحدهم فقط القادرين على توجيه ( الرعية ) وترشيدها وتطويعها من أجل خدمة أهدافهم وتطلعاتهم وأمانيهم .
ولكن أيضا من حق المواطن البحريني، الذي كان ولايزال يعاني مرارة العلقم، من ظلم وإستبداد الاسرة المالكة، التي مابرحت تتحدث بإسمه على انه ( الجوهرة الثمينة ) في تاج إستراتيجيتها التنموية، أن يسأل مادام له الحق بالسؤال – بحسب تطبيق مبادىء العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجميع:” أين حقي هذا الذي تتحدثون عنه ؟ " منذ عهد الدولة الامنية التي حطمت جميع الارقام القياسية في الظلم والقهر والاستبداد، الى ماسمي بعهد ( التحول والازدهار والتقدم ) في ظل المملكة الديمقراطية الدستورية الجديدة، والذي ظل صامدا مخلصا لإرث ماضيه حتى بعد مرور ثمانية أعوام على تأسيس هذه المملكة المزعومة؟
من حق هذا المواطن، الذي أبقته السلطة الحاكمة في البلاد، منذ عدة عقود وحتى الان معزولآ عن جسمها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، المتفرد وحده فقط بصنع القرار وتوجيه وترشيد الرعية في كل شيىء يخدم النظام، وليس سواه من إمورا ملحة تخدم المجتمع، أن يقول لهم " لقد ناضلت طيلة عقود، وإستشهد لي أهل واخوة ورفاق، وتشرد أخرون في المنافي القسرية البعيدة، وذلك في سبيل أن يتحقق حلم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان " ولكنني بعد طول المكابدة والتضحية بالدم والمال والبنون، لم أحصل إلا على برلمان منقوص الصلاحيات الرقابية والتشريعية، ودستور منحه مقدم كمكرمة من الراعي إلى رعيته، وتراخيص لتأسيس جمعيات سياسية وحقوقية، مقيدة بقوانين وإجراءات وزارات العدل والداخلية والشؤن الاجتماعية والشباب والرياضة، وصحافة وطنية مغلوب على أمرها،وقشور من حريات الرأي، التي تنتهك كل يوم بذريعة حماية أمن واستقرار البحرين وذرء المخاطر الخارجية.
ان الانسان البحريني، الذي يتحدثون عنه ( الجوهرة الثمينة ) ويجري التفاخر بإسمه، من خلال تقارير السلطة لبرامج التنمية البشرية، فإنهم ( المسؤلين ) لايثقون به ولايعتمدون عليه ولايتعاملون معه كشريك في السلطة وفي صنع قرارات المجتمع، وماعليه في أوضاع كهذه، إلا أن يؤدي فرض الطاعة والولاء، لكي يقبل به كمواطن .
وبرغم كل ماتحدثوا عنه من إنجازات وطنية، فإنهم لم يستطيعوا أن يمحوا من ذاكرة شعب البحرين الذي ناضل و قدم الشهداء والمنفيين وضحايا التعذيب، من أجل الديمقراطية والحريات، سنوات القهر والبطش والقتل والتشريد والنفي القسري، قبل أن يعتذروا له عن أخطائهم، ويقدموا للضحايا التعويضات المناسبة، ويتخلون عن ماضيهم القمعي، ويوقفون اغراق البلاد بموجات المجنسين، ويعيدون حساباتهم وحسم خياراتهم فقط تجاه التغيير الحقيقي والجوهري، وليس مجرد استخدام مساحيق الترقيع والمظاهر الاعلامية في تمجيد ( إنجازات لم يلمس منها المواطن البحريني سوى القشور ) .

الثلاثاء، 24 فبراير 2009

قضية الحجيرة ... والخوف من عودة محاكمات أمن الدولة

هاني الريس

حتى بعد،أن انكر المتهمون في ماقيل بأنه ( مخطط ارهابي لقلب نظام الحكم في البحرين – المعروف بقضية الحجيرة ) امام قاضي التحقيق قبل عدة اسابيع، وفي قاعة المحكمة الكبرى الجنائية الاولى، المنعقدة ( أمس ) الاثنين الموافق 23 فبراير 2009، كافة التهم المنسوبة اليهم، والتي تشمل بحسب لائحة الاتهام ( أعمال التخريب، وترويع المواطنين، وتعطيل الدستور، وقلب النظام السياسي القائم حاليا بالقوة المسلحة ) وحتى بعد أن قال المتهم الاول في هذه القضية الشيخ حسن علي مشيمع،
   امين عام حركة الحريات والديمقراطية ( حق ) ورفيقه الشيخ محمد حبيب المقداد، انهما وجميع المتهمون، في ( قضية الحجيرة ) هم ضحايا ( قرار سياسي ) كان يستهدف تصفية حسابات سياسية، مبيتة للمطالبين بالديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان في البحرين، منذ سنوات الانتفاضة الدستورية المباركة في تسعينيات القرن الماضي، حتى المرحلة الراهنة، وان قرار اعتقالهم جاء وفق معلومات خاطئه وملفقة يقصد منها استفزاز المواطنين وفرض قبضة طاغية على حركة المطالب الديمقراطية والحريات التي تنادي بها الغالبية الشعبية، حيث انهم لم يحاولوا في يوم من الايام، ان يستخدموا العنف وسيلة لتحقيق أهدافهم الحضارية السلمية، أو إسقاط النظام السياسي بالقوة، بل بواسطة الوسائل الفانونية والدستورية ،و حتي بعد هذه الاعترافات الواضحة والصمود النضالي ضذ الاتهامات الملفقة في قضية الحجيرة، لاتريد المحكمةالكبرى الجنائية الاولى، والمنبثقة من أوامر السلطة السياسية، أن تحترم أقوال ومشاعر وإنسانية ( المتهمون ) الواقفون امامها، وكذلك مبدأ القضاة العادل وحريات الرأي المكرسة في ميثاق العمل الوطني، و ( دستور الحكم لعام 2002 ) وكافة مواثيق ومعاهدات الامم المتحدة ذات الصلة بحقوق الانسان والمعايير الدولية لاصول المحاكمات، وهي تصر على تجريم المتهمين، رغم اعترافهم بأنهم كانوا ضحايا مؤامرة سياسية وانتقامات مبيتة، وانهم تعرضوا خلال فترة التحقيقات، الى التعذيب القاسي نفسيا وجسديا، وانتزعت منهم الاعترافات بالقوة الصارمة، وانهم قاموا بتلاوة اعترافاتهم من خلال ورقة كانت معدة اعدادا جيدا من قبل جهاز التحقيق، ولم يعلموا بوجود تسجيلات خلال تصويرهم وعرضهم على شاشات التلفزة، وطلب منهم الاقرار بأنهم مذنبون، وأن يقوموا بالاعتذار من أجل الحصول على مكرمة ملكية، تنقذ حياتهم من عقوبات السجن الطويلة والمشددة، وهي بذلك ئؤكد حرص السلطات، على ملاحقة النشطاء السياسيين والحقوقيين وأفراد المجتمع المطالبين بالحريات، والصاق التهم الباطلة ضدهم، مثل ماكانت تفعل في تسعينيات القرن الماضي، حيث شهدت البلاد خلال ذلك الوقت موجة هستيرية من الاعتقالات ضذ المطالبين بالديمقراطية وعودة الحياة النيابية واطلاق الحريات وعودة المبعدين والمنفيين، وتلفيق التهم ضذهم لمجرد الاشتباه من انهم من المعارضين للحكومه.
   المحاكمات الجارية اليوم ضد شبان أبرياء، قيل انه مغرر بهم ، ورموز سياسية ودينية حملت على عاتقها طرح مطالب سياسية واجتماعية وحقوقية مشروعة، تظهر بما لايدع مجال للشك، حرص السلطة على تغييب الحريات ومحاولة قمع أي حركة مطلبية مشروعة، بذريعة الحفاظ على أمن واستقرار البحرين، والتصدي لمخاطر ( التخريب المدعوم بالعامل الخارجي ) الذي يريد زعزعة الامن والسلم الاهلي في ربوع البلاد، والتستر على  كافةالعيوب الكثيرة والخطيرة، التي شابت مسيرة ماسمي ب ( مشروع الاصلاح الديمقراطي ) طيلة ثمان سنوات من تفرد السلطة بصنع القرار، وممارسة انتهاك الحريات وتضليل الرأي العام المحلي والدولي، بوجود مملكة ديمقراطية دستورية تحترم حقوق الانسان وتصون حريات المواطن البحريني، هذه المحاكمات التي لم تلتزم بالمعايير الدولية وترفض احترام حقوق الانسان، تعيد الى اذهان الناس مشاهد المحاكمات الصورية، التي حفلت بها سنوات الانتفاضة الدستورية في التسعينات، وراح ضحيتها كواكب من المواطنين الابرياء، بأحكام جائرة، من بينها حكم بالاعدام للشهيد عيسى قمبر،و كانت تجري بشكل سري من دون ان تترك للمتهمين او هيئات الدفاع عنهم، المجال لقول أي شيء للدفاع عن النفس، حيث وان المحاكمات الجارية اليوم، تستجوب المتهمون بصورة علنية، تختلف عن السابق نظرا للتحولات والتغيرات الدولية، في مجالات حقوق الانسان، الا انها وللاسف الشديد، أخذت تعتمد نفس أساليب الماضي القمعي، الذي يركز بصورة مباشرة على تخويف المتهم وشل قذرته الفكرية والنفسية لاجباره على الاعتراف بأقوال باطلة انتزعت منه تحت وطأة الوعيد والتهديد والتعذيب النفسي والجسدي غير المبرر والمحرم قانونيا، مايعني ذلك انها مصممة على تجريم المتهمين، حتى لو انها كانت تعرف حقيقة الظروف التي أحاطت بهذه القضية والشخوص التي تتهمها باستخدام العنف كوسيلة لقلب النظام والوصول الى السلطة، وتدرك  ان مطالبهم مشروعة وتنطلق من شعارات ومفاهيم حريات الرأي، المصانة والمكفولة قانونيا ودستوريا .
  لكن حتى لو استمرت هذه المحاكمات، واتخدت المحكمة الكبرى الجنائية الاولى، قرارها بإدانة جميع المتهمين أو بعضهم، فان هدا القرار يبقى في نظر ( المتهمين ) و المجتمع البحريني والمنظمات الحقوقية الدولية مجرد ( قرار متخد بمفعول سياسي يستهدف جانبا واسعا من جوانب حريات الرأي ) حيث يرى المجتمع والمنظمات الحقوقية المحلية والعربية والدولية، أن المتهمين في هذه القضية هم سجناء رأي، ولم تثبت ضدهم، أية أدلة ملموسة، غير تلك  الاعترافات المنتزعة منهم بالقوة، خاصة وان مثل هذه المحاكم البحرينية التي تنقصها الحيادية والاستقلالية عن السلطة السياسية الحاكمة، سبق لها أن جرمت أبرياء، بأحكام قاسية بلغ بعضها الحكم المؤبد والاعدامات، من دون أن يرف لها جفن، أو تلتزم بعدالة قضائية وقانونية .
  فهل نشهد اليوم في ظل ( نظام المملكة الدستورية ) و ماقيل عن ( استقلال المؤسسة القضائية) الذي تدعيه السلطة تروج له أبواقها في الداخل، محاكمات عادلة ونزيهة وملتزمة بمعايير القضاء الدولي ومواثيق حقوق الانسان، الموقعة عليها السلطة البحرينية في الامم المتحدة، أم ان تعود حقبة قانون ومحكمة أمن الدولة في البحرين من جديد ؟

الخميس، 19 فبراير 2009

البحرين في الذكرى الثامنة للميثاق ... اصرار على نهج الماضي التعسفي

احتفلت البحرين، في الرابع عشر من شباط / فبراير 2009، بالذكرى الثامنةعلى تحويل دولة المراقبة الامنية إلى ماسمي بالمملكة الدستورية، تحت شعار حاجة البلاد الى إصلاحات سياسية واجتماعية وأقتصادية، على طريق الديمقراطية البرلمانية الدستورية المتبعة في الممالك المتقدمة.
ومنذ ذلك الوقت ظل المواطن البحريني يتابع بأهتمام بالغ نتائج ذلك التحول، الذي قيل بأنه يحتاج الى بضع سنوات من أجل تكريس وتعزيز ثوابته،وتغيير الصورة التي سارت عليها البحرين طوال سنوات القمع المعتمة في ظل قانون أمن الدولة السيء الصيت، حيث فرضت السلطة في ذلك الوقت ( قبضة طاغية ) على كل مفاصل الدولة والمجتمع،واحتكرت كافة أدوات القرار، وإدعت بتمثيل الشعب والنيابة عنه، بعد تعطيل أبرز المواد الحيوية من دستور البحرين العقدي للعام 1973.
وفي ذلك الوقت بالذات تدهورت بشكل ملفت أوضاع حقوق الانسان، وتعطلت أعمال المؤسسة التشريعية، بعد قرار مرسوم الامير الراحل عيسى بن سلمان ال خليفة، بحل المجلس الوطني المنتخب، ومرور البلاد بفراغ دستوري استمر أكثر من ربع قرن من الزمن،توسعت خلالها مختلف مظاهر التعسف العام، وزيادة ملفتة في عدد السجون والمعتقلات التي ضاقت بها أرض البحرين ولم تتسع إلا لمرتزقة النظام وأعوانه وجلاوزته،ورصدت ميزانية الاموال الهائلة على كافة أجهزة الامن والمخابرات والحرس الوطني وقوة دفاع البحرين، وتفشت مظاهر الفساد والمحسوبية وإنعدام تكافؤ الفرص بين المواطنين، ومنع التعددية السياسية، وبشكل عام فقدت السلطة في ذلك الوقت بالذات الكثير من سمعتها السياسية والانسانية والاخلاقية بسبب غياب الديمقراطية وحقوق الانسان.
فالتركة الثقيلة التي خلفتها سنوات القمع الطويلة المعتمة،ورحيل الامير عيسى بن سلمان آل خليفة، وتسلم إبنه الشيخ حمد، زمام السلطة،وكثرة الانتقادات الدولية، وسرعة التحولات العالمية الجديدة نحو الديمقراطية وحقوق الانسان،أجبرت نظام الحكم الجديد في البحرين، على إتخاد خطوات جديدة من شأنها تخفيف تراكم الاستياء الشعبي ضد مجمل السياسات الخاطئة للنظام السياسي،وتجميل صورته المشوهة لدى الرأي العام العالمي وبخاصة المنظمات الحقوقية الدولية، التي ظلت منذ وقت طويل تقلق مضاجعه،فسعى من خلال ماسمي ب( مشروع الاصلاح الديمقراطي )بالعمل على اطلاق سراح المعتقلين والمسجونين واعلان العفو عن المنفيين والمبعدين خارج البلاد، وطرح مشروع ميثاق العمل الوطني الذي بموجبه تم تحويل الدولة الى مملكة، للتصويت الشعبي،والاعلان عن دستور منحه جديد يناسب مقاسات قامته،ودعم وجهاء القبائل والطوائف ورجال الدين وبعض المعارضين العائدين من المنافي القسرية،والمبالغة في توزيع المكرمات والعطايا الجزيلة،غير المجردة من الاعتبارات الشخصية والمصلحية،بحيث وصف كل هذه الخطوات السريعة والمتسرعة،أحد السياسيين البارزين، ممن لم يشاركوا في التصويت على ميثاق العمل الوطني، بأنها ( قارب يبحر بسرعة مجنونة نحو شواطىء يفترض أن تكون آمنة ) بفعل فرط الوعود بالتغيير الحقيقي والجوهري في البلاد،ولكن مادا سيحدث - يتسائل هذا السياسي - عندما تتعطل ماكينة القيادة، وينحرف القارب نحو شواطىء مجهولة وغير آمنة؟ )
ويقول سياسي آخر بارز، في ذات الشأن ( أن الحكم يجد نفسه اليوم متورطا بمشروعه الاصلاحي، عندما لم تكون لديه نظرة استراتيجية صائبة آنية وبعيدة المدى حول الاوضاع السياسية والاجتماعية والحقوقية والثقافية والفكرية، التي تتطلبها مراحل وامكانات وظروف التغيير )فأنه يظل لديه شعور بالخوف والقلق من كل مبادرة وطنية صادقة أو حركة مطلبية، قد تلزمه بتحقيق ماوعد وقطعه على نفسه امام الدولة والمجتمع.
ولذلك فأنه منذ إنطلاقة ( مشروع الاصلاح ) ثمان سنوات مضت،أصبح عاجزا عن تحقيق إمور كثيرة في حياة الدولة والمجتمع،من مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي وعد بها الناس قبيل التصويت على ميثاق العمل الوطني،بل أنه تمادى في اطلاق يده عل كافة مقدرات الولة والمجتمع، حيث تكرست وتعززت موضوعة أحتكار سلطة القرار السياسي في يد الملك ومجلس العائلةالحاكمة، بدلآ من سلطة الشعب المكرسة في نصوص الميثاق وفي دستور المنحة الجديد للبحرين، وتقديم المكافأت على أساس الولاء، ومحاولات تفتيت وحدة الشعب وانسجامه الوطني،وفرض قرارات وإجراءات التجنيس السياسي كأمر واقع، والاصرار على رفض مسائل الحوار الجاد والمسؤل مع المعارضة الوطنية والاسلامية.
وتشعر الغالبية الساحقة من أبناء البحرين، بعد مرور ثمان سنوات عجاف، على ( المشروع )وتجلياته بصورة واضحة، استمرار ( هيمنة الفئة الحاكمة )وتوزيع المكرمات والرشاوى وانتشار الفساد في معظم مفاصل الدولة الرسمية،انها بدأت تفقد الامل في بناء دولة ديمقراطية عصرية على غرار الممالك الدستورية المتقدمة،فمن الواضح تماما أن الاتجاه العام في البحرين لايدعوا الى التفاؤل بمستقبل واعد للاجيال الراهنة واللاحقة،مادامت آلية عمليات إتخاد القرار مكرسة اليوم في أيادي النظام واجهزته الرقابية السياسية والامنية الصارمةوالعابثة بأمن واستقرار البلاد، التي بدأت تنفيدها بقسوة، منذ احداث ديسمبر 2007،المتهمون فيها مواطنون أبرياء بسرقة سلاح وإحراق سيارة للشرطة، حتى يوم الاعلان عن مسرحية ( المخطط الارهابي ) المدعوم من قوى أجنبية، للنيل من استقلال وسيادة البحرين،والذي على أساسه، تمت حملة اعتقالت واسعة في صفوف المواطنين والسياسيين البارزين في مقدمتهم الشيخين الفاضلين حسن مشيمع ومحمد حبيب المقداد، ومجموعة شبان ابرياء، خضعوا جميعا لضغوطات قاسية وتعذيب نفسي وجسدي خلال وجبات التحقيق،ولذلك نجد في هذا الوقت بالذات عناوين متعددة، يدعوا بعضها الى الصبر والمرونة في إستقراء الواقع المعاش،والتوصل الى حلول موجبة لمعالجة الوضع، عبرت عنه بيانات بعض الجمعيات السياسية وشخصيات المعارضة،والبعض الآخر يشدد على،ضرورات مسألة التغيير الجوهري وليس الاصلاح، لانك لاتستطيع أن تصلح سلطة سياسية ورثت الظلم والاستبداد على مدى أكثر من 230 سنة من الحكم المطلق، بوسائل ترقيعية آنية.
وعلى الرغم من فشل النظام حتى الآن في تحقيق الوعود الابرز في صلب ( مشروعه الاصلاحي )ومن اهمها حريات الرأي والحياة الكريمة للمواطنين جميعا من دون تمييز أوتفضيل، وتحسين سجل حقوق الانسان بشكل شامل،فان المجتمع تصرف بحكمة، طوال الثمان سنوات الماضية،برغم بعض الهزات،وتمنى أن يكون النظام قد وجد وضع أفضل بالنسبة اليه كي يوقف خرقه للحريات، ويطور أسلوبا جديدا في التعامل مع شعب البحرين التي انهكته سنوات النضال المضنية من اجل تحقيق حلم الديمقراطية والحكم الدستوري وحقوق الانسان.
واذا ماكان النظام في البحرين، يريد ان يحيي ( مشروعه الاصلاحي )ويحتفل به كل عام على انه مصدر فخر واعتزاز بتأسيس الدولة الديمقراطية الدستورية على غرار الممالك المتقدمة،فان عليه واجب الالتزام بتحقيق الوعود التي قطعها على نفسه باحترام نصوص الميثاق ودستور البحرين العقدي لعام 1973،وتحرير المواطن البحريني من كافة قيود التعسف والقهر، وهذا يعني التركيز على المسائل الاساسية الجوهرية، بدلآ من المراوغات والمداهنات وتضليل الرأي العام، واحتكار عمليات صنع القرار، والضغوط العامة المصحوبة عادة بتهديدات بفرض العقوبات على حريات الرأي، خاصة عندما يتحدث الناس عن اوضاع البحرين في ندوات أو مؤتمرات خارجية.