الخميس، 29 ديسمبر 2011

الهجوم الوحشي على الابرياء في دوار اللؤلؤة

الهجوم الوحشي على الابرياء في دوار اللؤلؤة

هاني الريس
هناك تسؤلات عديدة يطرحها كلام كبار المسؤلين في البحرين ومعهم بواقع الحال من يقف إلى جانبهم من الابواق المأجورة في الداخل والخارج، ممن يتهمون الحركة الاحتجاجية المطلبية التي خرجت بالالاف صبيحة الرابع عشر من فبراير/ شباط، الجاري، إلى دوار اللؤلؤة رافعة شعارات الحرية والمشاركة الحقيقية في صنع قرارات المجتمع وتحسين ظروف الحياة العامة، بالطائفيين والمخربين والمغرر بهم من قوى خارجية .
والسؤال الاول والاساسية، هو كيف تسمح السلطة الحاكمة في البحرين لنفسها وهي التي تدعي باحترام القانون والدستور والحريات العامة وحقوق الانسان، أن تعطي الاوامر لقوات الشرطة والجيش باقتحام دوار اللؤلؤة في جنح الليل حيث كان يعتصم الاف المواطنين العزل، وتطلق عليهم حمم قنابلها الانشطارية ودخائرها الحية والمطاطية والناس كلهم نيام ؟ على الرغم من انها تعلم علم اليقين بان خطوة مثل هذه تتعارض كليا مع نصوص الدستور والقوانين وكافة الشرائع الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان، وكذلك الاقوال المعسولة التي تروجها السلطة بشأن الحريات في البحرين ...
هل من الديمقراطية واحترام الارادة الشعبية، أن تمارس السلطة هجمة شرسة ضد اطفال ونساء وشيوخ عزل دنبهم الوحيد هو انهم كانو يطالبون بالمساواة والعدل والمشاركة الحقيقية في صنع قرارات المجتمع، على الرغم من أن القانون والدستور يكفل لهم حرية الخروج للتعبير عن آرائهم وطرح كافة مطالبهم المشروعة ؟
وهل أن واحة الديمقراطية والحريات في البحرين، التي تغنى بها ماسمي " بمشروع الاصلاح " منذ عقد من الزمن، يمكن أن تشدد قبضة السلطة والحكم في البحرين، على كل مفاصل الدولة والمجتمع، وتحاصر الناس في مصادر عيشهم، وتغلق عليهم أبواب المشاركة والمسائلة والمحاسبة، والتمثيل الحقيقي في المجالس النيابية والبلدية ومنظمات المجتمع المدني، وتجلب الاعداد الهائلة من المجنسين، لا لشي بل لانها تطمح في أن تجعل منهم طابورا خامسا لها يدافع عنها في وقت الشذة، وهو مابرز جليا في التظاهرات الموازية التي خرجت في اليوم التالي تدافع عن سياسات السلطة والحكم في وجه ارادة الغالبية الشعبية؟
وهل من حق السلطة في البحرين، التي تدعي دائما بأنها تحرص على حماية وصيانة الوحدة الوطنية،أن تشق الصف الوطني بتغليب طائفة على اخرى في المجتمع، وتحتكر السلطة والحكم لطبقة بعد طبقة، من دون الاعتراف بحق تداول السلطة، وتعمل على تحطيم رغبات الشعب وتمنياته وأمانيه، وتواجه كل تحركاته المطلبية بالحديد والنار ؟
مع ذلك فأن شعب البحرين منذ ذلك الوقت لم يواجه كل تلك الاخطاء الفاحشة بوسائل العنف، بل انه كان يأمل بالتحولات السلمية وحقن الدماء، أكثر مما كانت تمارسه السلطة البحرينية المعروفة بشدة غرورها وبطشها واحتقارها للمواطن وتحطيم إرادته وقتل المعارضين تحت وطاة التعذيب في السجون وفي الاعتصامات والتظاهرات السلمية .

البحرين ... ثورة شعبية وليست انتفاضة شيعية

البحرين ... ثورة شعبية وليست انتفاضة شيعية

على الرغم من أهمية ثورة الرابع عشر من سبتمبر/ شباط 2011 المباركة، التي زلزلت أركان النظام الخليفي القمعي،الذي عرف طوال عدة عقود مضت بممارسة القمع والاستبداد وشق وحدة الصف الوطني من خلال تطبيق السياسة الاستعمارية ( فرق تسد ) خلال الشهور الستة الماضية من عمر الثورة، فأن نظام عائلة آل خليفة الحاكم في البحرين، لايزال يصور للراي العام العربي والعالمي، بأن هذه الثورة المباركة التي إمتدت طلائعها في مختلف المدن والقرى والمناطق البحرينية، هي ليست أكثر من كونها تخص طائفة معينة في المجتمع ويعني بها ( الطائفة الشيعية ) ولذلك كانت الالة الاعلامية والعسكرية القمعية المدعومة بجافل جيش الاحتلال السعودي، تفعل فعلها في التأثير على الرأي العام من خلال تصوير الحدث البحريني بعيون واحدة هي المسألة الطائفية، ولكن مع استمرار صمود الثورة الشعبية المباركة ومواجهتها كافة التحديات الاعلامية والامنية، باستخدام كافة الوسائل الحضارية السلمية ونبذ كل أشكال العنف، اكتسبت هذه الثورة المباركة عمقا جماهيريا واضحا من مختلف فئات وتيارات وطوائف المجتمع البحريني التي تضررت من سياسات النظام الخليفي، وكانت شعارات الوحدة الوطنية الواضحة من هذه الثورة المباركة، مرفوعة بقوة إلى جانب المطالب الوطنية المشروعة التي ناضلت واستشهدت من أجلها أجيال من شعب البحرين، ولذلك احتلت الثورة الشعبية في البحرين مكانة طليعية بين ثورات الربيع العربي بوجهها الديمقراطي والانساني والاخلاقي والوحدوي، وذلك على خلاف ماكان يروج له النظام الخليفي من أن هذه الثورة التي اجتمعت حولها كافة الطوائف البحرينية بأنها انتفاضة شيعية .
وحقيقة أن ثورة الرابع عشر من سبتمبر / شباط المباركة، استطاعت أن تجتاز مستنقع الطائفية برفعها شعارات تجسد مفاهيم الاخاء والتسامح و التشديد على الوحدة الوطنية ، كما استطاعت أيضا تجتاز اختبارات كبيرة في مختلف ميادين المواجهة السلمية مع ادوات القهر الخليفية والسعودية، التي تم فرضها عليها، ولدى هذه الثورة جيل صاعد يبلور لنفسه الثقة بالنفس، ومواجهة الحملات الامنية المسعورة بالصبر والثبات والامل بتحقيق الانتصار المأمول، ففي نفس الوقت الذي لم يرفع فيه اي متظاهر خرج في التظاهرات الاحتجاجية المطلبية شعارا واحدا طائفيا، غير الشعار الذي رفع في كل التظاهرات وهو شعار الوحدة الوطنية ( لا شيعية .. لا سنية وحدة وحدة وطنية )، كان النظام الخليفي القمعي وحده فقط يخالف هذا الواقع ويستمر في ممارسة القمع والاستبداد ضد الطائفة الشيعية التي يتهمها بتحريض الشارع للانقلاب على الحكم، ويحاول تمرير مشاريعة المشبوهة الطائفية وتغليب طائفة على اخرى في المجتمع من أجل أن يستمر في السلطة والحكم، وكان دائما يتعسر عليه الخروج من العزلة الاجتماعية والسياسية التي فرضها على نفسه طوال فترة احتلاله للبلاد قبل 230 سنة من الزمن، بالابتعاد عن جسم المجتمع الواحد الموحد، لانه يرى في نفسه انه وحده القادر على تمثيل الشعب والنيابة عنه في كافة الامور المتعلقة بحياة الدولة، وأن المكونات الاخرى في المجتمع ليست أكثر من رعية خاضعة لمشيئته يتصرف بمصيرها كما يشاء ويرغب .
هذه هي أزمة النظام الخليفي القمعي الذي لايزال يصر على مواقفه السلبية وسياساته الاستبدادية القمعية واتهاماته المزعومة ضد الطائفة الشيعية بالتأمر عليه ومحاولة اقصائه عن سدة السلطة والحكم، بين ما الحقيقة على الارض تؤكد على طائفية النظام وعزلته الواضحة عن بقية المجتمع، في ما الثورة الشعبية الراهنة شاملة وجامعة وتكمن أهميتها في الدفاع عن مظالم شعب البحرين برمته وليس فقط طائفة معينة .

الأحد، 23 أكتوبر 2011

البحرين : عرس - الديمقراطية - ... وصيحات المعارضة الشعبية

بينما تتباهى السلطة البحرينية وأبواقها في الداخل، عن عرس انتخابي ستشهده البلاد في الايام القليلة المقبلة لاختيار 40 عضوا، يمثلون ما يسمى المؤسسة التشريعية ( غير الشرعية ) التي أثبتت فشلها على مدى ثمان سنوات مضت، تقول الاغلبية الشعبية التى يتوقع أن تقاطع هذه الانتخابات بسبب عدم شرعيتها الدستورية وكذلك الشبهات التي تحوم حول الكثير من النواب المنتهية أعمالهم، لجهة عدم استقامتهم وعجزهم عن تحقيق ما وعدوا به المواطن البحريني في حملاتهم الانتخابية السابقة ومؤشرات ابتعادهم عن ممارسة الديمقراطية الفعلية، وإنشغالهم بالامتيازات الخاصة وصراع المصالح والامور الصغيرة على حساب القضايا الوطنية الملحة،أن النتائج المتوقعة ستكون محسومة لصالح السلطة الحاكمة واحزابها الموالية و " التوابين " من الحركة الوطنية والاسلامية، التي ما برحت تغازلهم السلطة وتساومهم على الجاه وبعض المناصب الرسمية
وقال أحد المواطنين، الذين فقدوا الثقة بأقوال المرشحين من مختلف التوجهات وبرامجهم الانتخابية الصورية، إنه لم يمتنع فقط عن المشاركة في انتخابات فاقدة للشرعية، ولا يمكن لها أن تعبر عن الارادة العامة للشعب، بل أنه سيدعوا الآخرين لمقاطعتها لانها على الارجح تعبر عن خيبة أمل كبيرة في الحلم الديمقراطي الواقعي، الذي استشهدت من أجله أجيال من شعب البحرين .
ويصف مراقبون الاوضاع الباردة التي صاحبت حملات الدعاية الانتخابية للمرشحين خلال الايام الماضية، دليل على اذراك الناخب البحريني بعدم جدوى هذا البرلمان المقيد تماما بنصوص دستورية مفصلة بالكامل على مقاسات قامة الحكم، وليس فيها لا ناقة ولا جمل لجماهير الشعب، ومجرد وسيلة تجميل لصورة الحكم الفاسد، وما سمي ( بمشروع الاصلاح ) الذي أطلق عنانه من القمقم قائد المسيرة ( الاصلاحية المشؤومة ) حمد بن عيسى آل خليفة، امام الرأي العام العالمي والمنظمات الديمقراطية والحقوقية الدولية .
وقال مواطن آخر، أن هذه الانتخابات ستتحول بمشيئة الله، إلى استفتاء شعبي مهيب يقوض ( سياسات الحكم و مشروعه الاصلاحي ) الذي لم ينجز منه حتى الآن سوى تفقير الناس والتنازع الطائفي وتحشيد مشاريع الامن ضد جميع قوى التغيير في البلاد .
كان الشعور المناهض للسلطة القمعية التي لاتزال تعتقل العشرات من المواطنيين المناضلين والمدافعين عن الديمقراطية والحريات، وتصر على بقائهم في السجون، واضحا في معظم المدن والقرى البحرينية، وكذلك المرشحين للبرلمان الذين تناسوا في برامجهم الانتخابية، قضايا ملحة في الشأن الداخلي البحريني مثل المطالبة بالافراج عن جميع المعتقلين والموقوفين على ذمة التحقيق في قضايا السياسة وحريات الرأي، وتجميد نشاط الجمعية البحرينية لحقوق الانسان ورفع قضيتها الى القضاة، والحملة المسعورة التي تشنها السلطة البحرينية وابواقها ضد بعض المنظمات الدولية التي ترصد حركة الانتخابات ومراقبة الصحف المحلية والاعلام، واستمرار وتيرة مشروع التجنيس، ومراقبة الناس في حركاتهم وسكناتهم، وغير ذلك من القضايا الوطنية الحساسة .
وبالتالي فان مقاطعة الانتخابات المزمع اقامتها بعد عشرة أيام من الآن التي نرى بعض بوادرها اليوم في عموم البلاد، هي في واقع الامر تعبير عن احباط وخيبة أمل متراكمة من كذبة تحويل دولة المراقبة الامنية إلى مملكة على غرار الممالك المتقدمة، واستغفال الرأي العام البحريني والعالمي بوجود مؤسسات برلمانية دستورية ومجتمع مدني تراقب افعال السلطة ومدى استقامتها ونزاهة مقاصدها.

هاني الريس

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

البحرين ... عشر سنوات عجاف من " مشروع الاصلاح "

من خلال ماسمي " بمشروع الاصلاح " لايزال الحكم عاجزا عن تحقيق ما وعد به .
لا العدالة الاجتماعية والمساواة تحققت ولا الحريات العامة انطلقت بحرية ولا الديمقراطية الواقعية انجزت ولا البطالة تراجعت ولا التنمية البشرية تقدمت، بل العكس، فقد كرس " مشروع الاصلاح " ركائز كثيرة وكمائن تخنق المزيد من حالات التغيير والتطور المستمر في حياة الدولة والمجتمع، من خلال الانقلاب على دستور البلاد العقدي لعام 1973، وكتابة دستور جديد للبحرين مفصلا بالكامل على مقاسات قامة الحكم، ومن دون إستشارة الشعب، وتفشي مظاهر الفساد والمحسوبيات وشراء الذمم وانعدام تكافؤ الفرص الاجتماعية والعمل، وتجنيس عشرات الآلاف من المواطنين العرب والاجانب لاهداف سياسية وإجتماعية من أجل خلق توازن طائفي في المجتمع .
وبدلا من أن تبادر عائلة آل خليفة، بتبديد مخاوف شعب البحرين، من النتائج السلبية التي كرسها " مشروع الاصلاح " طوال عقد من الزمن، وتتصدى لكافة المشاكل الحقيقية التي يعاني منها المجتمع البحريني بكل فئاته وطوائفه، أطلقت العنان " لجحافل بلطجيتها " و " ومرتزقتها " الاجانب من المجنسين، بالاعتداء على جحافل التظاهرات الشعبية المسالمة التي لاتزال تخرج يوميا في جميع المدن والقرى البحرينية تطالب بأبسط حقوق المواطنة المشروعة، وتطلق عليها الرصاص الحي والمطاطي والغازات المسيلة للدموع، وتقتل العشرات من الابرياء، وذلك باشراف مباشر من قيادة مجلس العائلة الحاكمة وخبراء بريطانيين وعناصر عسكرية عراقية مرتزقة مجنسة من فدائيي صدام، ولاتزال حتى اللحظة تستبيح المحظور، ولا من رادع .
في ظل هذا الوضع المتفجر والكارثي، يصر حكام عائلة آل خليفة، على التمسك بمواقفهم المتشددة تجاه تحقيق المطالب الشعبية المحقة والعادلة، ويتهمون المتظاهرين بخرق القانون، على الرغم من إعتذار الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ووزير داخليته راشد بن عبدالله آل خليفة، لشعب البحرين، عن سقوط ضحايا في صفوف الحركة الاحتجاجية المطلبية، برصاص الشرطة البحرينية وجيش الاحتلال السعودي، خصوصا في دوار الشهداء الذي بدأ في مطلع التحركات، يشبه ميدان التحرير في القاهرة، وشارع الحبيب بورقيبة في تونس، وينظرون إلى هذا الوضع المأزوم من جانبه ألامني فقط، حيث قوات الأمن المدججة بمختلف الأسلحة و " البلطجية والمرتزقة " جاهزين على الدوام لقمع التحركات .
هكذا تحاول عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين، أن تتعامل مع حدث سياسي وطني بالغ الحساسية والاهمية، وكأنه مجرد سحابة صيف عابرة، ستجرفها رياح القوة الامنية، من دون معالجة اسبابه وابعاده وتداعياته السياسية والاجتماعية والاقتصادية
اللاحقة على مستوى الدولة والمجتمع .
هنا تكمن مشكلة عائلة آل خليفة حول سياساتها الخاطئة في البحرين، فهي رغم هذا الزلزال الذي يتربص بسقوط عرشها، تظل حائرة بين التمسك بإرث الماضي وإمتيازات الماضي، وبين الاستجابة إلى الحد الادنى من تحقيق المطالب الشعبية المنشودة .

هاني الريس

البحرين ..... عائلة آل خليفة ومسيرة إحتكار السياسة والثروة

منذ غزو عائلة آل خليفة للبحرين وقيام مشيخة أحمد بن محمد آل خليفة المشؤومة، في العام 1783، وحتى تأسيس "المملكة الحالية" لم تسمح كافة الانظمة والاجراءات المتبعة في دستورها الجديد، بوجود أحزاب سياسية ومنظمات مدنية مستقلة عن فلك السلطة والحكم، حيث تعتبر الاسرة الحاكمة في البلاد، وحدها صاحبة اتخاد القرار والمسؤولة عن تمثيل الشعب والنيابة عنه، مهما قيل في وجود جمعيات ومجالس بلدية ونيابية منتخبة من قبل الشعب، ما يعني عملياً استفرادها وهيمنتها وفرض سلطتها على كل صغيرة وكبيرة من مفاصل الدولة والمجتمع، وتدعمها في مختلف هذه الجوانب أجهزة المخابرات والشرطة والجيش وحتى الصحافة ووسائل الاعلام المطبلة والمزمرة للنظام الحاكم .

وفي العام 1973، سمحت الاسرة الحاكمة، بوجود بصيص أمل نحو تطور سياسي، تم تصويره بأنه سيتجاوز مخلفات الماضي القمعي، وأعلنت عن رغبتها باقامة مجلس تأسيسي من أربعين عضواً نصفهم معين من قبل الحكم والنصف الاخر منتخب انتخاباً حراً مباشراً من قبل الشعب، ليكون بمثابة النواة الاولى للتجربة الديمقراطية الجديدة التي تريد تدشينها في البلاد، ويولد من رحمها دستور تعاقدي بين الحكم والمجتمع، ومؤسسة برلمانية منتخبة بكامل اعضائها انتخاباً حراً مباشراً من ثلاثين عضواً في الدور التشريعي الاول، ثم اربعين عضواً في الادوار التشريعية اللاحقة (بالاضافة الى 14 وزيراً بحكم مناصبهم)، لتشريع القوانين والانظمة القائمة في البلاد ومراقبة ومحاسبة الحكومة على افعالها امام المجتمع، وبعد مخاضات عسيرة ونقاشات ضارية حول اعداد مسودة الدستور التعاقدي داخل اروقة المجلس التاسيسي، أقر الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة، مشروع الدستور في العام 1973. وفي نهاية العام نفسه، جرت انتخابات المجلس التشريعي (المجلس الوطني) في اجواء ديمقراطية حرة ونزيهة شهد لها كافة المراقبين المحليين والدوليين، لكن بعد أقل من عامان على هذه الانتخابات، إنقلب الحكم على الدستور التعاقدي وعطل أبرز مواده الحيوية، وقام بحل المجلس الوطني المنتخب في 26 اغسطس من العام 1975، بذريعة خروج اعضائه على قيم الديمقراطية وأصول التعامل مع الحكومة، واصرارهم على رفض مشروع قانون أمن الدولة، الذي تقدمت به الحكومة من أجل ما وصفته بـ"حماية الامن الوطني"، والذي اعتبرته كافة الكتل النيابية في المجلس الوطني، مجحفاً وقاسياً، بحق المواطنين والحريات، كما أنه مخالف لنصوص الدستور العقدي التي تصون حريات الرأي والتعبير والضمير وتحمي كرامة المواطن البحريني وعدم النيل من كافة حقوق المواطنة المشروعة، وبعد ذلك مرت البلاد بفراغ دستوري وبسنوات معتمة من القمع والاستبداد المطلق استمرت على مدى اكثر من ربع قرن من الزمن، ولم تنفع المناشدات الحميدة ولا الانتقادات الدولية الموجهة للحكومة بسبب غياب الديمقراطية وانتهاكات حقوق الانسان في البحرين، ولا حتى الاحتجاجات والاضطرابات والانتفاضات الشعبية التي تفجرت على مدى تلك الحقبة الاسوأ في تاريخ البحرين، من ثني الاسرة الحاكمة عن قرارها بتعطيل المواد الحيوية من الدستور وحل المجلس الوطني المنتخب .

وبعد وفاة الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة، في العام 1999 وتسلم مقاليد الحكم نجله حمد بن عيسى، أطلق الأخير من القمقم ما سمي "مشروع الاصلاح" المطبوخ بسموم الاستبداد و الطائفية المقيتة، وتعهد أمام المجتمع البحريني، بأنه سيقوم بفتح صفحة جديدة من التعامل الايجابي مع الاوضاع التي كانت مثار جدل بين الدولة والمجتمع، وأنه سيعالج جميع الاخطاء التي حدثت في عهد والده الأمير الراحل عيسى بن سلمان، وبخاصة مجالات حقوق الانسان، ولكنه استدرك بانه "سيكون ماضياً على خطى والده والاجداد السابقين الذين وصفهم بأنهم حققوا الانجازات المذهلة" لهذا البلد، فاستهل مشروعه الاصلاحي ببعض الحلول الجزئية والاصلاحات الترقيعية، التي أثبتت هشاشتها وفشلها ومعاني اهدافها ومقاصدها في السنوات اللاحقة. وفي غمرة أعراس الانفراج السياسي التي شهدتها البلاد على مدى عام كامل، كان الحاكم يمهد الطريق للانقلاب النهائي على دستور البحرين العقدي، والتخلي عن كافة الوعود والتعهدات التي أقسم عليها في أولى خطابات تسلم العرش، حيث أعلن في خطاب متلفز موجه الى الشعب وحكومات الدول العربية والعالمية، أنه تفضل على شعب البحرين بمنحه دستوراً جديداً قائماً على " مبادئ الديمقراطية والحكم الدستوري وحقوق الانسان "، هو ذلك الدستور الذي صدر بأمر بمرسوم ملكي لعام 2002، في أعقاب تحويل الدولة الى مملكة والذي تمت صياغة نصوصه ومواده الاساسية بعناية فائقة وبمقاسات تنسجم تماماً مع قامات الحكم والاسرة المالكة، وداخل دهاليز مغلقة وبعيداً عن أعين الشعب والمراقبين والصحافة البحرينية، وأعقب ذلك إجراء انتخابات نيابية هي الثانية منذ فترة ما سمي بالاستقلال، سبقتها بفترة قصيرة انتخابات المجالس البلدية، وكانت كلاهما موضع جدل قانوني ودستوري، وقد عارضت وقاطعت الانتخابات التشريعية أربع جمعيات سياسية، بسبب عدم شرعيتها الدستورية، واستجاب لدعوة المقاطعة قطاعات شعبية، بالرغم من لجوء الحكم الى إرهاب الناس ودفعهم دفعاً للمشاركة تحت وطاة التهديد بقطع الارزاق والمصالح المختلفة. وبالاضافة الى الاعضاء الـ (40) الفائزين في الانتخابات، والذين أتوا من شرائح وتيارات متعددة، قامت الاسرة المالكة بتعيين 40 عضواً لمجلس الشورى البحريني، المعروف ب " الغرفة الثانية في البرلمان "، قيل بأنهم من أصحاب الخبرة والتخصص والجاه في المجتمع البحريني، ليشكلوا جميعاً في ما سمي بـ"المجلس الوطني". وعلى رغم مرور أربع سنوات من عمر هذا المجلس، فانه لم يستطع تحقيق حتى القليل مما كان يتطلع اليه شعب البحرين .

الاقتصاد:

تسيطر عائلة آل خليفة الحاكمة في البحرين، على معظم أراضي البلاد كاملاك خاصة، وتتقاسم ثرواتها المختلفة، بما في ذلك الثروة النفطية التي تكاد أن تكون المصدر الاساسي الاول للدخل الوطني، ويبسط معظم أفراد هذه الاسرة هيمنتهم على المشاريع التجارية وشركات الاستثمار المتعددة الجنسيات، والمجمعات السكنية والاسواق التجارية العملاقة، اضافة الى ما يحصلون عليه من رواتب شهرية عالية مخصصة لأفراد الأسرة الحاكمة، ورواتب إضافية أخرى، في مقابل تعيينهم كوزراء أو وكلاء وزارات أو مدراء ادارات أو ضباط كبار في اجهزة الشرطة والجيش والمخابرات، في بلد ما يزال يعتبر أفقر الاغنياء في البلدان الخليجية النفطية، وفي وقت تتضاعف فيه مشقات الحياة المعيشية اليومية لغالبية المواطنين في البحرين وتزداد فيه نسبة البطالة في صفوفهم وخاصة بين أصحاب المؤهلات العلمية العالية، وهناك شرائح كبيرة في المجتمع تعاني من العوز المادي، ولم يشهد المجتمع البحريني لا في ماضيه الزراعي والرعوي ولا في حاضر الطفرة النفطية الهائلة، من شىء سوى ذلك الفتات الذي يترك من فضلات موائد الاسرة المالكة وشركائها البرجوازيين الكبار الذين يحاولون بشتى الوسائل الممكنة، ابتلاع لقمة عيش المواطن الفقير، وهذا ما كانت تشير اليه دائماً التقارير الاقتصادية والاستراتيجية المختلفة التي تناولت وضع الاقتصاد البحريني منذ الزمن البعيد وحتى الآن .
هاني الريس

البحرين : التأريخ المشؤوم لعائلة آل خليفة

في العام الاول من تدشين" مشيخة أحمد بن محمد آل خليفة " الملقب < بالفاتح التي لم يعرف شرها الكثيرون، إلا من خلال جرائم الغزو التي خرقت كافة الاعراف والقيم الانسانية والروحية الخلاقة، إحتلت عائلة آل خليفة، مكانة متقدمة ومتميزة في الفساد والاستبداد ضد أهل البحرين، إلى الدرجة القصوى التي تفوقت بها على كل ما كان يمارس في جوارها من ظلم مشيخات القبائل العربية، وظل كل هذا التفوق الاستبدادي الخاص، يمثل السمة البارزة لاستمرار بقاء حكمها في البحرين .
وعلى مدى العقود الماضية وحتى الآن، ظلت عائلة آل خليفة، تختلق الذرائع والمزاعم الموهومة لتبرير "شرعية وجودها في البحرين" تارة بتذكير الناس بموروث "الغزو" وتارة أخرى بتزيين صورتها أمام المجتمع البحريني عبرإدعاءاتها الكاذبة بأنها "أصبحت في مستوى طوائف البحرين الموحدة" وأن البلاد لجميع أبنائها ينعمون فيها بالأمن والاستقرار في ظل الوحدة الوطنية، وهي في واقع الأمر ظلت شرعية مشكوكة في نظر المجتمع، و لا تزال حتى بعد الإعلان عن قيام ماسمي " بمملكة البحرين " في العام 2002، تشكل موضع جدل بينها وبين سكان البلاد الاصليين (شيعة وسنة) الذين ظلوا دائماً ينظرون اليها، على (أنها كانت ولا تزال مجرد قبيلة غازية) دفعتها أطماعها السياسية وجشعها الاقتصادي الى غزو البحرين واحتلالها وفرض القوة الغاشمة على أهلها وكافة مناطقها الآمنة .
وبأوهام "شرعية الفتح" وقوة النفوذ والهيمنة السياسية والاقتصادية المباشرة على المشيخة، ظل جميع أفراد عائلة آل خليفة، يتصرفون بالارض والكيان السياسي والثروة الوطنية، على أساس أنها ملكية خاصة لهم ولاحفادهم اللاحقون، وبموجب ذلك إستطاعت العائلة، أن تبني لنفسها قطاعاً عائلياً متفرداً بسلطة القرار السياسي، ومبتعدا عن عناصر تشكيل واقع المجتمع بكافة فئاته وهيئاته وانتماءاته السياسية واحترام حقوقه القانونية، وقادراً على مرور الزمن في الاستمرار بتنفيذ مشاريع الهيمنة السياسية والاستغلال الاقتصادي وإجهاض أية محاولة محتملة لطرح المطالب الشعبية، بفضل استخدام مختلف اساليب القوة والقمع وقهر الآخر، وغياب الحد الأدنى من الحريات الديمقراطية والدساتير التعاقدية الشرعية، وتوسيع النظرة الى استجداء الحماية الامنية مع القوى الكبرى في المنطقة و العالم والانجذاب بشكل محموم لتوقيع المعاهدات والاتفاقات الامنية والعسكرية لتحقيق تلك الأهداف .
ومع تطور الثقة بالنفس والتمكن من السيطرة على كافة مجريات الامور في البلاد، حاولت عائلة آل خليفة، توسيع تفردها بكل أدوات صنع القرار وسلب الثروة الوطنية، والنأي بنفسها تماماً عن الآخرين، حتى أولئك الدين قدموا لها الدعم والمساندة في عملية الغزو من القبائل العربية، فقد تنكرت لافضالهم وتآمرت عليهم عندما حان وقت تقاسم "غنائم النصر" بل وظلت على الدوام تثير المخاوف في نفوسهم بمعاملتهم كأعداء محتملين وليس كحلفاء يستوجب عليها تكريمهم وتقديم الشكر لجهودهم، وتقدير تضحيات مقاتلييهم الذين كانوا وقود معارك الغزو وحطبها، وذلك على قاعدة (من ليس منا فقد ينقلب علينا)، ليجلسوا هم وحدهم فقط على عرش المشيخة المنشودة، وقد برزت هذه النظرة الاحادية الاستعلائية المفرطة، بصورة واضحة وجلية مع الجميع، ولكن التصعيد الأكثر شذة وانتقاما، كان من نصيب عائلة آل الجلاهمة " الظلع الثاني في تحالف الغزو المشؤوم "، التي طالبت ذات يوم بأخذ نصيبها في السلطة والحكم، بموجب " الاتفاق " الذي أبرمته عائلة آل خليفة، مع كافة القبائل العربية، التي وقفت إلى جانبها و قدمت لها الدعم المعنوي والمساندة العسكرية ، الذي يقوم على تقاسم جميع " غنائم النصر " بالمناصفة عندما تنتهي معارك الغزو وتتوج باحتلال البلاد، إلا أن عائلة آل خليفة تنصلت من تنفيد ذلك الاتفاق وضربت به عرض الحائط، بل أنها شنت عليها معركة عسكرية ضارية قصمت ظهرها، ثم توعدت كبار زعمائها بعقوبات أكثر صرامة من نتائج الحرب، إذا ما إستمر بقائهم في البلاد وظلوا يثيرون ضدها القلق، فسارع أبناء جابر بن عتبة الأربعة وعائلاتهم واتباعهم بالرحيل الى شبه الجزيرة العربية خوفا من البطش، واستقر بعضهم هناك للعمل في مجال الزراعة والتجارة والاستثمار، و عاد البعض الآخر الى البحرين بعد مرور سنوات طويلة من نهاية الغزو واستتباب الاوضاع، ولكن كمواطنين عاديين، وقد منع عليهم ممارسة الشأن السياسي العام، و سمح لبعضهم بنسبة تحررية بسيطة في العمل بالتجارة، وبقوا منذ ذلك الوقت يحملون الضغائن المبطنة والمعلنة في بعض الاحيان، على عائلة آل خليفة، التي خذلتهم وسلبت منهم إنسانيتهم و كرامتهم و كافة إستحقاقات الغزو، والحقت بهم هزيمة مدوية في أشرس المعارك البحرية، التي دمرت فيها كل أساطيلهم قبالة الشواطىء الشرقية من شبه الجزيرة العربية، و قتل فيها زعيمهم جابر بن رحمة الجلاهمة، على حين غرة عندما كان يقود بنفسه رحى المعركة الضارية التي استبسل فيها جنود عائلة آل خليفة، وقدموا أفضل مالديهم من وحشية و من صنوف القتال، ويذكر بأن القبائل العربية، التي إنضمت لعملية الغزو هي، الجلاهمة والبنعلي والسودان والبوعينين والسلطة والقبيسات والمنانعة والسادة، إضافة الى مجموعة صغيرة متمردة وسط عائلة آل المسلم، قيل إنه غرر بها و تخلت عن مناصرة أهلها في مقابل حصولها على وعود غنائم الغزو، و حفنة من الامتيازات، التي لم تنال منها أي شيء يذكر، سوى نكران الجميل وتهميش الدور .
فواقع الأمر، بعد حقبة الغزو التي صادرت الارض والكيان السياسي وحقوق الانسان، قد إنطوى على ممارسة الاستبداد والتعسف العام ضد الجميع، وليس فقط قبيلة عربية أ و طائفة أو شريحة معينة من شرائح المجتمع البحريني، التي ظلت مند ذلك الوقت وحتى الآن، تواجه مختلف صنوف التعسف والاستبداد .
لم يستقبل أهل البحرين، عائلة آل خليفة، إستقبال "الفاتحين" كما كانت تزعم دائماً عبر كتبها ومناهجها التعليمية، التي فرضتها فرضاً في جميع المدارس والمعاهد البحرينية الرسمية والخاصة، والتي ظلت شعاراتها الاساسية المركزية تزهو دائما بـ"إسطورة البطولة والفتح المجيد" التي صورت لنفسها، بأنه توج بها (بطل الغزو) عميدها أحمد بن محمد آل خليفة، "انتصاراته الدموية في البحرين" وتخليد خصوصية العائلة الحاكمة وشرعية وجودها في البلاد، إلى آخر ما تفتق بها نسيج خيالها من أحلام القوة والمجد والهيمنة الفئوية الضاربة العنيدة، إنما استقبلوها كقبيلة غازية مارست السطو والقهر والاستيلاء على الارض والسياسة والاقتصاد، واغتصاب وسرقة أموال الناس وممتلكاتهم وكافة المرافق العامة، وممارسة السلطة والحكم كأمر واقع وليس بالصفة الشرعية، ويخشون المزيد من الظلم والبطش القاتل بالابرياء وتذمير حياتهم، استنادا إلى تجارب سابقة استخدمتها هذه العائلة في حروب التوسع والقرصنة، ولذلك ظل طوق الحديد العملاق التي كانت تلوي به أعناق أهل البحرين طوال تلك العقود البعيدة، مؤلما وعسيرا، وينتظر من يحطمه من الاجيال اللاحقة التي سوف تحمل رايات التحرر من الظلم والعدوان والتبعية المخيفة، فعمليات القمع والاستبداد والتعسف العام ورفض الاخر، قد أثارت بشكل واسع النطاق، حفيظة جميع الطوائف البحرينية، التي وقفت صفاً واحداً موحداً لمقاومة سياسات البطش، والتصدي بكل الوسائل النضالية المشروعة لتداعيات الغزو المشؤوم، حيث أكدت معظم الروايات التاريخية على صمود أهل البحرين في وجه الجحافل الغازية والحقوا بها خسائر فادحة في الارواح والعتاد، و قدموا بذلك أمثلة رائعة في البسالة والأستشهاد على مدبح الدفاع عن الارض وكرامة الأنسان البحريني، فكان واقع الحال آنذاك أمراً مبرراً ومحفزاً لإشعال فتيل الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية التي مازالت جدوتها مستمرة بين مد وجزر منذ ذلك الوقت و حتى اللحظة الراهنة .
و منذ تلك الفترة السحيقة التي تميزت بغرور القوة والعسف العام، وطوال السنوات الثلاث التي أعقبت تحويل الدولة الامنية إلى " مملكة " ظلت عائلة آل خليفة، تتمسك بتلابيب الحكم، و تكرر فرض شرعية وجودها ونفودها في البلاد، كأمر واقع، ليس فقط بأستخدام وسائل العنف، بل أيضا، مختلف الأوامر الملكية والمكرمات وإجراءات القمع المقننة وشراء الذمم وإعتماد نصوص " دستور المنحة الجديد " للعام 2002، المثير للجدل، الذي أصدره حمد بن عيسى آل خليفة، بقرار منفرد، و من دون إستشارة الشعب، ومشاريع البرلمان الصوري الفاقد للشرعية، ومجلس الشورى المعين بواسطة الحكم، و تمكين أفراد العائلة الحاكمة من إحتلال معظم المواقع القيادية الحساسة في الدولة والمجتمع، والذي يستمر فيها التشديد دائماً على الانفرادية السلطوية، وليس المشورة والرأي واحترام حقوق وواجبات المواطن البحريني .

هاني الريس

الخميس، 20 أكتوبر 2011

البحرين ... ماذا قال بلكريف بحق النظام الخليفي القمعي ؟

وصف تشارلز بلكريف، مستشار حكومة البحرين في حقبة الحماية البريطانية، السياسات التي مارستها عائلة آل خليفة، منذ غزوها للبلاد في العام 1783، بأنها "ظالمة واستبدادية" وكانت تبعث دائما برسائل الاساءة والبطش بالذات بالطائفة الشيعية، وقد إستطاع جميع افرادها والمقربون منها، الاستيلاء على الحرث والنسل في ربوع البحرين، عندما تمكنت بواسطة القهر والتعسف العام أن تبني لنفسها قطاعاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً منعزلاً تماماً عن جسم المجتمع البحريني، يستند الى فرض القوة الغاشمة والاستقواء بمعاهدات الحماية الاجنبية لتكريس أمنها وحماية نظامها السياسي والاقتصادي من كافة المخاطر الداخلية والخارجية المحذقة .
ويضيف بلكريف "أن هذه السياسة المعنية أساساً باظهار قوة العائلة الحاكمة وسطوتها على المشيخة والمجتمع، جعلت من البحرين بلداً اقطاعياً يحكمه حاكم اقطاعي هو وجميع أفراد عائلته، بحيث أصبحت جميع اراضي البلاد بمثابة ملكهم الخاص، ويتصرفون بها كما لو أنهم أصحاب البلاد الشرعيين والاصليين ".
هذا ماكان يراه مستشار الحكومة البريطانية تشارلز بلكريف، في حق العائلة الخليفية الاستبدادية القمعية، التي اثبتت فشلها الذريع في التعامل الايجابي مع شعب البحرين، الذي فقد الامل من مصداقية هذه العائلة، التي طالما قطعت على نفسها وعود التغيير والاصلاح والتسامح، ثم ماتلبث وأن تعود وتنقلب على مواثيقها و تعهداتها امام المجتمع بين ليلة وضحاها .
وعلى رغم أن عائلة آل خليفة، بذلت المحاولة تلو الاخرى من أجل كسب قلوب سكان البلاد الاصليين (شيعة وسنة) تارة باغراءات ما يمكن توفيره من المال والجاه، وتارة اخرى بفرض ضرورات الامر الواقع، الا انها لم تستطع ان تجد فرداً واحداً من المواطنين الشرفاء من يقبل لنفسه أن يكون متعاطفاً مع سماسرة ومغتصبي الارض والحقوق، سوى قلة قليلة جداً من اصحاب النفوس المريضة، ممن لهم طموحات سياسية واجتماعية واقتصادية مذلولة، ولقد وجد في كل عصر من يقف الى جانب الطغاة بحكم مثل هذه المصالح والامتيازات، الامر الذي جعل شعب البحرين بغالبيته الساحقة يتوحد في كتلة واحدة موحدة في وجه سياساتها الظالمة، ويوقد شعلة الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية الواحدة تلو الاخرى من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، ويكمن سر حقد عائلة آل خليفة، على الجميع انها لم تستطع الانصهار في جسم المجتمع البحريني، الذي ظل يرفضها على الدوام بسبب استبدادها واستهتارها بالارادة الشعبية .

هاني الريس