الثلاثاء، 31 مارس 2009

حقائق من انتفاضة التسعينات ( 2 ) ... الزلزال الذي صعق حكام البحرين

هاني الريس

في شهر أكتوبر من العام 1994، بدأ ينهار بشكل واضح حاجز الخوف، الذي ظل جاثمآ على رقاب شعب البحرين طيلة ثلاثة عقود من الزمن والى غير رجعة، وفي إطار المتغيرات الاقليمية والدولية الكبيرة في مايخص الديمقراطية وتدابير حقوق الانسان، وبعد تداعيات حرب الخليج الثانية، وتصاعد حمى مطالبة شعوب المنطقة بضرورات التغيير في بلدانهم، قدمت مجموعة من الشخصيات السياسية والاجتماعية والدينية في البحرين الى أمير البحرين الراحل عيسى بن سلمان آل خليفة، عريضة شعبية تأريخية، طرحت فيها رغبات غالبية شعب البحرين بحدوث اصلاحات ضرورية على الانظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والامنية المعمول بها في البلاد، وإدخال الديمقراطية وحقوق الانسان، وعودة المواد الحيوية المعطلة من دستور البحرين العقدي لعام 1973، وعودة المجلس الوطني ( المنحل بقرار بمرسوم أميري ) أو المباشرة في انتخابات برلمانية جديدة بعد مضي أكثر من عشرين سنة على مرسوم الحل، وتوفير فرص العمل للمواطنين من دون تمييز طبقي أو مذهبي، وعودة المبعدين والمنفيين الى البلاد من دون أية شروط مسبقة .
وحملت هذه العريضة التأريخية، توقيعات أكثر من 125 ألف مواطن بحريني من مختلف الفعاليات والتوجهات والتيارات السياسية والوطنية والدينية والطوائف البحرينية، الذين انضووا جميعا تحت لواء الحركة الدستورية، هذه الحركة المناضلة والمجاهدة التي رأت بأن الطريق الوحيد الممكن لمعالجة اعوجاج الاوضاع وتحقيق أهداف وطموحات وتطلعات شعب البحرين لايمكن أن يمر سوى من خلال فتح قنوات الحوار والمصارحة والمصالحة الوطنية الجدية بين الحكم والمجتمع في البحرين، ولذلك تقدمت الشخصيات القيادية في لجنة العريضة الشعبية، بطلب إجراء موعدآ لمقابلة أمير البحرين عيسى بن سلمان آل خليفة، بوصفه رأس هرم السلطة السياسية في البلاد ( التي كانت تحكم فعليآ في ذلك الوقت من قبل حكومة خليفة بن سلمان ورئيس جهاز المخابرات البحرينية المرتزق البريطاني أيان هندرسون ) ولكن للأسف الشديد تجاهل الحاكم هذا المطلب ورفض بالمطلق إجراء أية مقابلة مع أي من أعضاء لجنة العريضة الشعبية، بل وانه حاول أن يقلل من أهمية هدا الحدث الكبير في تأريخ البحرين الحديث والمعاصر، حيث إعتبر هذه المهمة الوطنية بمثابة نوع من أنواع التذخل المباشر في شأن السياسة الداخلية للدولة البحرينية، ولذلك فانه أصر على عدم اجراء أي حوار وطني من شأنه انقاذ البلاد من دوامة الازمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الذي تسبب بها الحكم وظلت تعصف بالمجتمع على مدى سنوات عديدة، بل وقد تمادى الحاكم في مواقفه المتشددة تجاه ذلك، وكان لم يهدأ له بال حتي بلغ به الامر تكليف كل أجهزته الامنية القمعية القيام بملاحقة واعتقال القادة البارزين في لجنة العريضة الشعبية، وذلك بالرغم من استخدام الشعب وقواه المناضلة والمجاهدة ، كافة الاساليب الحضارية الممكنة لاقناع الحاكم وبطانته بالامتثال لرغبة الاكثرية الساحقة من شعب البحرين في الحصول على مطلب الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، إلا أن الحكم وبأصرار من حكومة ( خليفة/ هندرسون ) رفض كل نداءات التعقل والحكمة والمساعي الحميدة، ومارس منذ اللحضة الاولى للتحرك المطلبي، نهجآ قمعيا واستبداديآ لامثيل له ضد كافة الاصوات المنادية بالاصلاح والتغيير الحقيقي والجوهري، ولم يتورع من فرض ( قبضة طاغية ) ليس فقط على مستويات السياسة والأمن، بل أيضا على مختلف وسائل الحريات، وقام بفرض قوانين الاحكام العرفية من دون الاعلان عنها بشكل واضح، تلك المتمثلة بمنع التجمهرات والمسيرات والاجتماعات والندوات العامة الاجتماعية والدينية وخرق جميع الحريات .
وبداية تمثل رد فعل الحكم على التطورات في البلاد، بأعتقال ثلاثة من أبرز القيادات الدينية ( الشيخ علي سلمان والشيخ حمزة الديري والسيد حيدر الستري ) في شهر ديسمبر من العام 1994، وهم من علماء الدين الشيعة ويحضون بثقل جماهيري واسع النطاق في أوساط الطائفة الشيعية في البحرين، ونتيجة لهذا الاجراء التعسفي، تظاهر الآف المواطنين من سكان المناطق الشيعية وأحتلت الجماهير شوارع المدن والقرى البحرينية، وهتفت ضد عملية الاعتقال والعنف والارهاب الذي فرضته قوات الأمن على التحرك المطلبي الذي كان يدعم علماء الدين الثلاثة ويطالب باطلاق سراحهم مع بقية المعتقلين في تلك الاحداث وعودة دستور البحرين العقدي لعام 1973، والبرلمان وجميع المبعدين والمنفيين الى البلاد، وتزامنت مع التظاهرات الحاشدة في غالبية المناطق البحرينية، عمليات عنف دامية بين قوات الأمن المدججة بمختلف أنواع الاسلحة الحية والمطاطية والغازات المسيلة للدموع، والمواطنين العزل، وأضرمت النيران في العديد من محطات التوليد الكهربائي وكسرت واجهات بعض المحال التجارية الكبيرة وسدت منافد الطرق الرئيسية بالاطارات المشتعلة والحجارة، واستمرت التظاهرات والاعتقالات العشوائية ضد المواطنين الابرياء طوال أشهر عديدة.
وبذريعة المحافظة على أمن واستقرار البحرين وحماية المكتسبات الوطنية، مارست قوات أمن هندرسون واجهزة الشرطة وكتائب من قوة دفاع البحرين عمليات تمشيط مناطق التحرك المطلبي، وقامت بعمليات ارهاب منظمة ضد سكان القرى الآمنة، وقتلت واعتقلت العديد منهم خلال المواجهات، حيث كانت جميع هذه القوات وبدماء باردة تواجه صدور شعب أعزل لايملك سوى أيمانه بعدالة قضيته، بأنواع حديثة ومتطورة من الاسلحة .
لقد كان هذا الحدث المهيب هو القشة التي قصمت ظهر الحكم وأفقدته صوابه حيث جاء الحدث المزلزل تتويجا لانتفاضة شعبية عارمة هزت البحرين والمنطقة، شارك فيها الالاف من ابناء شعب البحرين من مختلف القطاعات والتيارات والطوائف في عمليات بطولية مطلبية شهدتها مختلف المناطق البحرينية وكانت بوتيرة أشد من مثيلاتها انتفاضات العهود التي سبقتها .
واستمر شعب البحرين، في التصدي لكافة إجراءات الأمن وارهاب الدولة، وواصلت الجماهير الشعبية عبر الانتفاضة الدستورية المباركة، نضالاتها المستميتة والعادلة، وقدمت على مدبح الحكم الكثير من الشهداء والمعتقلين والمنفيين الجدد الى العواصم العربية والعالمية، وعاشت البحرين خلال تلك الحقبة العصيبة ( زمن فتنة وسنوات معتمة من القمع المطلق ) ولم تستطع الاصوات المنطلقة من هنا أو هناك أن تسكت هجمة الحكم الوحشية الاستبدادية على الحركة المطلبية .
وفي مقابل الوحشية الامنية، التزمت الحركة المطلبية بضبط النفس، وسعت بكل ما أتيح لها من قوة أن تطرح صيغة حضارية وانسانية لتطويق الازمة ووقف نزيف الدم الذي صار ينهمر من أجساد وارواح شباب الوطن، نتيجة عسف قوات الامن واستهتارها بأرواح المواطنين، وأن ترد على المزاعم الحكومية التي اتهمت الحركة المطلبية باستخدام العنف والتخريب والطائفية والاستقواء بدعم خارجي من أجل اسقاط الحكم والوصول الى السلطة عبر هذة الوسائل، بالمواقف الشجاعة التي أبدتها كافة أطراف وفصائل المعارضة البحرينية المنضوية تحت راية الحركة الدستورية، وهي عدم الانزلاق نحو ممارسة أي شكل من اشكال العنف المدمرة، سوى محاولات الدفاع عن النفس من استفزازات الاجهزة الامنية، ونشير هنا بشكل خاص، ما تحدث عنه سماحة الشيخ الجليل عبد الامير الجمري، أحد أبرز قادة الحركة المطلبية في صلوات يوم الجمعة، حول تمسك هذه الحركة بالطابع السلمي لطرح المطالب الشعبية، على قاعدة إعتماد الحوار ومواجهة الحجة بالحجة والفكر بالفكر وليس بفرض القوة، بالشواهد التالية :
1.أن لغة العنف لاوجود للقناعة النفسية والحرية والفكرية في ظلها .
2. لان لغة العنف لاقيمة للغلبة على أساسها، لانها غلبة المنطق والفكر والحجة، ويكون التوصل إلى المطلوب على أساس الحرية الفكرية والقناعة الذاتية .
3. ان لغة الحوار تمثل لغة الفكر والعقل والثقة بالنفس، ولغة العنف تمثل لغة الغابة ولغة العضلات، وهي بالتالي تعبير عن العجز في مواجهة الدليل بالدليل والحجة بالحجة ولذلك يلجأ صاحبها لتصفية الطرف المقابل والتخلص منه لأنه لايقوى على سماع أرائه وأطروحاته، ونتيجة ماقدمناه هي أن لغة الحوار أحدى الثوابت الرئيسية في الاسلام وأن لغة العنف لغة إستثنائية قد يلجأ الاسلام إليها حين يستنفد وسائله السلمية وحيث ينحصر الحل في مواجهة القوة بالقوة .
4. أن اهداف هذا الشعب ( شعب البحرين ) واضحة وجلية، وهو تفعيل الدستور، وعودة البرلمان، واطلاق الحريات الديمقراطية، واطلاق سراح المعتقلين، وعودة المنفيين والمبعدين قسرآ، واعادة المفصولين من وظائفهم، هذه هي أهدافنا التي سنعمل على تحقيقها بالطرق السلمية الصحيحة في حركتنا المطلبية .
من كل هذه الاهداف ذات المعاني المعبرة عن روح الاخاء والتسامح التي قالها سماحة الشيخ الجمري، برزت بشكل قاطع الاهداف السلمية للانتفاضة الدستورية المباركة وحرص كافة فصائل المعارضة الوطنية والاسلامية على عدم حصول تفجير في الاوضاع الداخلية تكون نتائجها كارثية على الجميع، لكن مع الاسف الشديد ظل الحكم متمسكا بفرض القوة على الجميع من دون أن يكترث بما سوف تؤل اليه الكارثة التي أصابت الدولة والمجتمع في تلك الحقبة الآسوأ في تاريخ البحرين .
( هذه الموضوعة، منقولة من كتاب سيصدر قريبآ تحت عنوان " البحرين من المشيخة الى المملكة " تأليف : هاني الريس، وتوطئة : الدكتور سعيد الشهابي، وتقديم : الدكتور عبد الهادي خلف )
* الموضوعة القادمة : ( رفض حكام البحرين قبول الآخر ، وتزوير رسالة عن الشيخ الجمري وقادة المبادرة بأعلان التوبة والولاء للأمير الراحل ) .

الأربعاء، 25 مارس 2009

حقائق من انتفاضة التسعينات ... كيف انتهكت الحكومة حريات الرأي والحقوق الدينية

هاني الريس
عندما نقول ان حكومة البحرين مارست ابشع الانتهاكات لحريات الرأي والحقوق الدينية، خلال الانتفاضة الدستورية في تسعينات القرن الماضي، التي استمرت تداعياتها السياسية والامنية على مدى أربع سنوات متتالية، فاننا لاننطق عن الهوى، بل انها الحقيقة التي لمسها الناس وعايشها جيل الانتفاضة المباركة، على الرغم من اصرار النظام على عدم الاكتراث بمفاعيلها وشعاراتها ومضامينها السياسية والروحية والثورية الهادفة الى إصلاح السياسات الخاطئة في البلاد، والامعان في انتهاك الحريات العامة والقتل تحت وطأة التعذيب، والاعتقالات العشوائية خارج إطار القانون، والإ عتداء على حرمات منازل المواطنين الآمنين من دون مبررات واضحة، ومحاصرة واقتحام المساجد ورش جدرانها بالطلاء الاسود وعبارات تشتم الشيعة وال بيت النبي محمد ( ص ) ومنع المواطنين من أداء فرائظهم وشعائرهم الدينية وبعثرة الكتب والمراجع بما في ذلك المصحف الكريم، ومن لم يعرف بذلك نستعيد له اليوم بعض الذكرى من انتهاك هذه الحقوق، منقولة من كتاب سيصدر قريبا تحت عنوان : ” البحرين من المشيخة الى المملكة " الذي يحكي قصة تاريخ الصعود البعيد لعائلة ال خليفة، وغزو البحرين في العام 1783 واغتصابهم الأرض والكيان السياسي، واحتراب زعماء القبيلة وصراعاتهم الدامية على عرش المشيخة، حتى عام الانقلاب على الدستور العقدي في 2002، والكتاب هو من تأليف : هاني الريس، وتوطئة : الدكتور سعيد الشهابي، وتقديم : الدكتور عبد الهادي خلف .
حقائق القمع والقتل :
بدلآ من أن يوقف الحكم ممارسة القمع والقتل والاعتقال العشوائي ضد الاصوات الوطنية والاسلامية المطالبة باصلاح الاوضاع في البلاد، ونشر قيم الديمقراطية وعودة البرلمان المنتخب واطلاق سراح كافة المعتقلين والموقوفين في سجون البحرين على خلفية الآراء والمواقف السياسية والحقوقية، والسماح للمبعدين والمنفيين بالعودة الى البلاد من دون أية شروط مسبقة، صار يرتكب الحماقات ويستعرض عقدة ( الغرور بالقوة ) ضد شعب أعزل، ويرفض الاصغاء لنداءات الحكمة والتعقل، ويحيك الفتن والمؤامرات لإضعاف وتمزيق الوحدة الوطنية، ويتستر على الظلم ويفتري على المنظمات الحقوقية الدولية التي أخدت توجه اليه أشد الانتقادات بسبب غياب الديمقراطية وحقوق الانسان، ولم يتورع بالمطلق في القيام بعمليات ( ارهاب الدولة المنظمة ) ضد المواطنين في التجمهرات الاحتجاجية السلمية وفي البيوت الآمنة وفي دور العبادة المقدسة، من خلال الاعلان عن شبه حالة الطوارىء، ودفع المرتزقة والمأجورين في قوات الشرطة والجيش، لفرض أحكام السيطرة على مناطق الاحتجاجات والاعتصامات في الساحات العامة والمساجد، واعطيت لهم الاوامر برشق التجمهرات والتظاهرات والمسيرات الاحتجاجية السلمية بالغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه والرصاص الحي والمطاطي وغازات الاعصاب بانواعها المختلفة، وفي احيان كثيرة تم استخدام الطائرات المروحية ( الهيلوكبتر ) لقصف المناطق الأمنة كما حدث في قرى الدراز والسنابس والديه والبلاد القديم، حيث قصفت هذه الطائرات مواقع يفترض انها تشكل تهديدا لقوات الامن، التي تحاصر تلك المناطق، وللحيلولة من خروج الاهالي بالمسيرات والتظاهرات، مايدل على وحشية السياسة التي مارسها الحكم ضد المواطنين والمناطق الأمنة .
واعتمادا على هذه السياسة القمعية، أكد ولي عهد البحرين والقائد العام لقوة دفاع البحرين إنداك وملك البحرين الحالي حمد بن عيسى آل خليفة:” بأن الحكم لن يقف مكتوف الأيدي تجاه استمرار الاحداث، وانه سوف يستخدم كافة الوسائل اللازمة لردعها، بل وانه تعهد في إحدى التصريحات، بأن يأمر قوات الشرطة والجيش، بسحق مناطق الاحتجاجات ( وجميعها مناطق شيعية مضطهدة ومحرومة من أبسط حقوق الحياة ) وجعلها ما يشبه الاراض المحروقة، وبالفعل صدرت الأوامر لقوات الشرطة والجيش للانقضاض على كل هذه المناطق في حال خروج التظاهرات وتعرض أفراد هذه القوات للخطر، وعلى رغم عدم تعرض الجنود للخطر، فانهم بوسيلة أو اخرى، قاموا بتمشيط مناطق القرى و مارسوا العنف والارهاب ضد المواطنين، بالاعتداء عليهم وتذمير مساكنهم تدميرا كاملآ، كماحدث ذلك مع عائلة التيتون، التي فجرت قوات الامن منزلها بعبوات ناسفة، استشهد خلالها جميع أفراد العائلة .
وفي اليوم الاول من شهر ابريل للعام1994 ، الذي قامت فيه قوات قمع الشعب بمحاصرة منزل القائد البارز في الحركة الدستورية سماحة الشيخ الجليل عبد الامير الجمري، واعتقاله ووضعه في الاقامة الجبرية، تحركت الجماهير للدفاع عن الشيخ الجمري مطالبة بفك اعتقاله، لكن قوات الامن ردت على هذا الاحتجاج السلمي بالعنف المفرط، مما ادى ذلك الى وقوع ضحايا كثيرة بين المواطنين، وتم اعتقال المئات من النساء والشباب والاطفال،ارسلوا عنوة الى المعتقلات، حيث مورست هناك ضدهم مختلف صنوف التعذيب الجسدي والنفسي، وهذه هي المرة الأولى التي تمارس فيها قوات الأمن اعتقال أعداد كبيرة من النساء، بلغت أكثر من 190 إمرأة ، وعدد من طالبات المدارس الاعدادية والثانوية، واستخدمت هذه القوات طائرات مروحية لردع التجمهر، وتصوير المتظاهرين تمهيدا لاعتقالهم، اضافة لمحاصرة المناطق التي كانت تعتبرها ( بؤرا للتحرك الاحتجاجي )
انتهاك الحقوق الدينية :
استمر الحكم طوال ذلك الوقت ينتهك حريات الرأي والتعبير والضمير وكافة الحقوق الدينية، مع تصعيد خطير في إجراءات الامن، حيث منعت بموجب القوانين الاستثنائية لوزارة الداخلية البحرينية، كافة مواطني ( مناطق التوتر الشيعية ) من ممارسة شعائرهم الدينية وأداء فريضة الصلاة في المساجد، وقامت مجموعات من قوات الامن المدججة بالاسلحة، بمحاصرة المساجد، والهجوم على بعضها واغلاقها ومصادرة كل محتوياتها، وتعمدت التحرش بالمصلين واستفزازهم في صلوات الجمعة، حيث طلب من المصلين عدم دخول المساجد، بل التجمهر بقربها، وذلك للحيلولة من تمكنهم من تنظيم المسيرات وترديد الهتافات المؤيدة للحركة الدستورية وللشيخ الجمري ورفاقه أعضاء لجنة العريضة الشعبية، وقد تكررت هذه المشاهد المأساوية، في أكثر من مناسبة دينية مقدسة، يمكن أن نوجز هنا بعضها :
في يوم 5 يناير 1996، جرى اعتقال الشيخ محمد الرياش، بعد القائه عددآ من الخطب كرر فيها المطالب الشعبية العادلة، وقد تلقى تهديدات تستهدف حياته من قبل جهاز مخابرات هندرسن، وقد كشف عن ذلك بنفسه في خطبة الجمعة، وفي نفس الفترة تم اعتقال الشيخ الجليل علي النجاس البالغ من العمر 48 سنة، وهو رجل دين كفيف البصر، وكان قد اعتقل واستشهد في مابعد، لدعمه المطالب الدستورية علانية من على المنبر الحسيني.
في يوم 9 يناير 1996، اعتقل قيم مسجد الصادق بالدراز الحاج حسن جار الله واعتقل علي محمد العكري مؤذن مسجد الانوار في الديه، وقد تعرض الاثنان الى التعذيب النفسي والجسدي من قبل أجهزة أمن هندرسن .
في يوم الثاني عشر من يناير 1996 وضمن حملة اعتقالات شملت العديد من القيادات الوطنية والشخصيات الدينية، مثل الشيخ علي بن أحمد الجدحفصي والشيخ علي عاشور والشيخ حسين الديهي والشيخ حسن سلطان والشيخ عبد المحسن ملا عطية والاستاذ عبد الوهاب حسين والاستاذ حسن علي حسن مشيمع، شهدت خلالها البلاد موجة احتجاجات واسعة النطاق تصدت لها قوات قمع الشعب وفرقتها بالقوة المفرطة، حيث سقط العشرات من الجرحى وتم اعتقال المئات من المواطنين الابرياء .
في يوم الثالث عشر من شهر يناير 1996 استدعت اللجنة الامنية التي شكلها وزير الداخلية محمد بن خليفة آل خليفة، أعضاء لجنة المبادرة برئاسة الشيخ عبد الامير الجمري، ووجهت التهديدات والاهانات، والذي إصيب على اثرها الشيخ الجمري بنوبة قلبية نقل على اثرها الى المستشفى .

في يوم عيد الفطر المبارك المصادف في 20 يناير 1997، اعتقلت قوات الأمن، سماحة الشيخ حسين القائم، من أهالي قرية سماهيج، وهاجمت العديد من المواطنين الذين كانوا يحتفلون بهذه المناسبة في مختلف مناطق البلاد، لمجرد أنهم أعلنوا الحداد على أرواح الشهداء وضحايا القمع، الذين سقطوا ودافعوا عن الديمقراطية والحريات في البلاد .
وفي نفس ذلك اليوم، هاجمت قوات الامن مسجد النور بقرية الديه، وحطمت جميع محتوياته، ومزقت الكتب بما في ذلك القرآن الكريم، واعتدت على جميع المصلين واعتقلت بعضهم وساقتهم الى السجون .
وبتاريخ 23 يناير 1997، اعتقلت قوات الامن رجل الدين سماحة الشيخ حسين عبدالله، من أهالي سترة، ضمن حملة اعتقالات مسعورة شنتها ضد رجال الدين الشيعة، في الايام التي اعقبتها، حيث جرت اقتحامات واسعةالنطاق في مآتم ومساجد الطائفة الشيعية، خص منها مسجد الصادق في القفول، ومسجد الصادق في قرية الدراز، ومسجد الشيخ عزيز في السهلة ومسجد مؤمن في المنامة العاصمة .
وبنهاية شهر فبراير 1997، أحتجزت قوات الأمن على جسر الملك فهد، بين البحرين والسعودية قرابة 20 حاجا وحاجة من الطائفة الشيعية، بعد عودتهم من أداء فريضة العمرة في الأراضي المقدسة، وحققت معهم لساعات طويلة، ثم اطلقت سراحهم بعدأن امعنت فيهم قهرا واهانتة وضربا مبرحا بحقهم .
واستمرت أجهزة الأمن، وعلى مدى سنوات الانتفاضة الدستورية تراقب عن كثب كل مواكب العزاء الشيعية التي تخرج خلال شهرمحرم من كل عام، وتفرض القيود على تحركاتها وتمنع شعاراتها الثورية، ضاربة بعرض الحائط قدسية هذه المناسبة، والتضحيات الكبيرة التي بدلت من أجل كرامة الانسان وانعتاقة من قيود الظلم والقهر والاستبداد،وكذلك المادة ( 22 ) المكرسة في دستور البحرين العقدي للعام 1973،التي تنص على :” حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة العبادة وحرية القيام بشعائر الاديان والمواكب والاجتماعات الدينية " .

الثلاثاء، 10 مارس 2009

تصريحات حمد بن عيسى ال خليفة ... عسل في الأقوال وجحيم على الأرض

هاني الريس
لم تكد تمضي سوى بضعة أيام، على التصريحات المعسولة التي اطلقها الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة، لمناسبة استقباله أفراد العائلة المالكة في قصر الصخير ( الجمعة 6 مارس 2009 ) وأكد فيها على التواصل بين الحكم والمجتمع، الذي يمكن أن يكفل تعميق الوحدة الوطنية، ودور الأسرة المترابطة في تكوين المجتمع ووحدته واستقراره انطلاقا من تعاليم الدين الحنيف والقيم العربية الاصيلة وترسيخا لها في ( مجتمعنا المعاصر )، وعلى أهمية التواصل ألاسري الذي عرفه المجتمع البحريني منذ القدم الذي يعزز مفهوم الآسرة الواحدة وتعميق التكافل الوطني بين سائر مكونات المجتمع البحريني، حتى شاهد الناس في البحرين، حجم الانتهاكات الصارخة التي مارستها أجهزة الدولة البوليسية البحرينية، ضد الابرياء من المواطنيين البحرينيين، الذين خرجوا في تظاهرة سلمية للدفاع عن البيئة في سواحل سترة، ضمن حريات الرأي والتعبير والتجمهر السلمي، المكفولة في نصوص ميثاق العمل الوطني و ( دستور الحكم للعام 2002 غير العقدي ) وكافة المعاهدات والشرائع الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان، حيث لم تترك هذه الاجهزة القمعية المستوردة من الخارج، أي خرق لحقوق الانسان في هذه المسيرة السلمية إلا وخرقته، فبعد أن توعدت الناس بتفريق المسيرة بالقوة في حال عدم إنصياع المنظمين،لاأوامر رجال الآمن بوقف المسيرة، صبت جحيم غضبها ونيران أسلحتها النارية الحية والمطاطية وغازاتها المسيلة للدموع بشكل صارخ على حشود المشاركين عموما، بذريعة انهم استخدوا العنف والشعارات المعادية للحكومة، ولم تحترم حتى حصانة بعض من شاركوا في هذه المسيرة من ( نواب البرلمان البحريني ) الذين تعرضوا هم أيضا الى إهانات الشرطة وعدم احترمها لابسط حقوق التجمع للتعبير عن الرأي أو اعلان الاحتجاج عن ممارسة الاخطاء بحق المواطن البحريني، وكل ذلك يجري بعلم كبار المسؤلين في البلاد وفي مقدمتهم الجالس على عرش ( المملكة ) الذي يحلوا له الافراط في التصريحات حول أهمية أحترام حقوق الانسان وتوطيد عرى المحبة والوحدة الوطنية و تعزيز قيم المشاركة والتعبير عن الرأي والتواصل الآسري الذي عرفه المجتمع البحريني منذ الازل، من دون أن يقف حتى مرة واحدة في وجه ( القوة الامنية الكاسرة ) التي تعتدي يوميا تقريبا من دون وجه حق على المناطق الآمنة والمواطنين المطالبين بأبسط حقوق المواطنة المشروعة، وذلك تحت مبررات حماية الدولة من المخاطر المحدقة و تعزيز مفهوم الأسرة الواحدة الذي يكفل تعميق الوحدة الوطنية بين سائر مكونات المجتمع البحريني .
والمفارقة هنا هي ان تصريحات الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة، وبعض المسؤلين الكبار في الدولة الرسمية، تبدو في نظر البعض، بأنها قد تأتي في صورة ( لفتة أبوية كريمة ) من أجل تكريس وحدة المجتمع وتلبية حاجات المواطن الاساسية، لكنها في نظر الآخرين الذين يعرفون بواطن الآمور، تبقى وحدها مجرد صورة تمويه وتضليل واستخفاف بعقول المواطنين الذين يحسنون النوايا، بالاقوال والمبادرات والمساعي الحميدة التي تنشط، بأتجاه تكريس وتعزيز وحدة المجتمع واستقراره، وليس ما في تصريحات الشيخ حمد بن عيسى، المتكررة حول الحريات والاسرة الواحدة المترابطة في المجتمع، التي تنطلق من تعاليم الدين الحنيف والقيم العربية الآصيلة، وتصونها نصوص ميثاق العمل الوطني و ( دستور الحكم ) وممارسات الاجهزة ألامنية، التي تخرق حقوق التعبير عن الرأي والاحتجاج السلمي، تحت سمع وبصر كافة المسؤلين في البلاد، سوى أمثلة صارخة تعكس أزمة الثقة العميقة بين الحكم والمجتمع، التي إستمرت تحث الخطى منذ الانقلاب على الوعود والمواثيق ودستور البحرين العقدي لعام 1973، حتي هذه اللحظة الراهنة، حيث لايزال يتعسر على الحكم، ممارسة أساليب الحياة الديمقراطية العصرية، التي تضمن وتعزز مفاهيم الوحدة الوطنية، وترفض تفتيتها طالما كانت هناك قوانين ومؤسسات برلمانية دستورية وقضاء مستقل وصحافة حرة ومجتمع مدني، ومكاشفة ومحاسبة، تفرض فرضا على الجميع، بعيدا عن المواقع الرسمية وغير الرسمية والامتيازات والمصالح الذاتية .
هذا مايحدث في البحرين منذ ماسمي ب ( مشروع الاصلاح الديمقراطي الزاهر ) الذي أطلق عنانه من القمقم الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة، من تصريحات مطبوخة بالسم،فيما جحيم الاجهزة الامنية التابعة الى النظام، يحرق الاخضر واليابس، كلما كبر حجم الاحتجاجات المطلبية الشعبية، واشتد عود منظمات المجتمع المدني، التي تتربص بكل واردة وشاردة من أخطاء السلطة والحكم، من أجل المكاشفة والمحاسبة امام المجتمع والمنظمات الديمقراطية والحقوقية الدولية .

الخميس، 5 مارس 2009

عودة ( ملائكة الموت ) لترويض القرى البحرينية

هاني الريس

لاشك أن محنة أهالي القرى في البحرين، التي تعتبرها السلطات ( مناطق توتر أمني ) وتتهم أهاليها بالقيام بعمليات ضد دوريات الامن، وحرق الاطارات وتفجير اسطوانات الغاز، التي إمتدت على مدى أكثر من عام، عندما أقدمت السلطة على قمع تظاهرة احتجاجية سلمية بمناسبة ( عيد الشهداء في البحرين ) في منتصف شهر ديسمبر للعام 2007 ، وراح ضحيتها الشهيد علي جاسم محمد مكي ( 31 عاما ) وسقوط عشرات الجرحى من المواطنين من بينهم أحد أفراد الامن، نتيجة الافراط في استخدام الشرطة، الرصاص الحي والمطاطي والغازات المسيلة للدموع لتفريق التظاهرة، واعتقال العشرات ومحاصرة قرى السنابس وجدحفص والديه، بذريعة البحث عن اشخاص قاموا بسرقة ( سلاح ) من إحدى سيارات الشرطة، لازالت تتصدر أخبار الصحف والمواقع اللاكترونية البحرينية، بحيث أصبح واضحا ان وزارة الداخلية، تلقي بقبضة أمنية صارمة على كافة المناطق التي تعتبرها ( مصدر قلق وتوتر ) وبخاصة مناطق القرى ذات الكثافة السكانية والاكثر سخونة وتحديا للمراقبة الامنية .
في هذه القرى الأمنة، التي يتعرض أهلها لحصار شبه يومي من قوات الامن المدنية والعسكرية، لم يخل الامر، من مداهمات واقتحامات وعمليات تمشيط في البيوت والشوارع، بحجة البحث عن ( مخربين وارهابيين ومتأمرين ومطلوبين فارين من وجه العدالة ) وتعسف في استخدام القوة والعنف والتخريب، خلال عمليات التفتيش .
فالاجهزة الامنية ( المكلفة بحماية القانون والسهر على أمن وسلامة المواطنين ) تعطي الاوامر لافراد الشرطة من عسكريين ومدنيين، بتسيير دوريات مراقبة وترصد وتعقب الناس في حركاتهم وسكناتهم، والتصرف بردع ( الخارجين على القانون ) من دون أي تردد، وبأية وسيلة كانت، ومنع أي ( محاولة مقلقة للمواطنين والمقيمين ) .
حدث هذا التصرف التعسفي بالامس، في مناطق الديه وجدحفص والسنابس ومروزان وسار ومقابه وبني جمرة والمالكية ودار كليب والبلاد القديم، حيث إعتاد الناس في كل هذه المناطق وغيرها، على مشاهدة حشود من مايطلق عليهم قوات ( مكافحة الشغب ) مدعومة برجال أمن مدنيين ملثمين، يجوبون هذه المناطق الأمنة في ساعات الليل والنهار، يزرعون الخوف والهلع في نفوس المواطنين بدلآ من السهر على راحتهم وحماية أوضاعهم، في مهمة يبدو انها وسيلة تهديد وترويض في كل هذه المناطق .
واليوم يتكرر نفس المشهد المأساوي، في قرية الدراز، التي شهدت منذ أيام قليلة مضت، جحافل قوات قمع الشعب، تقتحم منازل أهلها وتعتقل شبابها، بذريعة انهم قاموا ( بإحراق سيارة تابعة للمخابرات ) وتمارس مهامها بطريقة استفزازية وعشوائية لتعقب من تتهمهم بتنفيد هذه العملية، الهدف منها المبالغة في ترويع وإذلال أهل القرية، حيث استخدمت تلك القوات جميع الوسائل البوليسية المبالغ فيها خلال مداهمة البيوت وتفتيشها وتمشيط شوارع القرية، والقيام بحملة اعتقالات في صفوف الشباب القصر، مبنية على مجرد ( الاعتقادات والشبهات واخباريات بعض المتعاونين مع الاجهزة الامنية ) .
هذه القبضة الفولاذية، التي أصبحت تمارس الآن، ضد القرى الآمنة البحرينية، شدد عليها وزير الداخلية البحرينية راشد عبدالله ال خليفة، خلال زيارته التفقدية مؤخرا، الى مديرية أمن المنطقة الشمالية ( حيث تتسع دائرة مناطق التوتر ) في احدى تصريحاته للصحافة البحرينية بالقول : ” ان وزارة الداخلية تحرص بقوة على اقامة مراكز أمنية جديدة في المنطقة الشمالية من البلاد، وتكثيف دوريات الشرطة لتلبية الاحتياجات الامنية الضرورية، ويقصد هنا ب ( الضرورية ) مع بالغ الاسف، هو أن يأخد أهالي هذه المنطقة، بعين الاعتبار قدرة الاجهزة الامنية على استخدام كافة وسائل القوة والردع حيال تحركات المواطنين حتى لو عرف بأنها لم تشكل أي تهديد لاستقرار الأمن، بل جرى التلميح لآتخاد الآسوأ في حال التجمهرات وخروج التظاهرات غير المرخصة، الأمر الذي أشاع مخاوف جدية لدى أهالي هذه المنطقة، بصورة تذكر الناس بممارسات ( فداوية أفراد عائلة ال خليفة ) في خمسينيات القرن الماضي ضد أهالي القرى البحرينية، وبخاصة الذين كان يصفهم النظام ب ( الحلايل )، حيث كان يجري التنكيل بهم وبأراضيهم وبيوتهم ومزارعهم، من قبل هذه ( العصابات الاجرامية ) التي أمعنت في أعمال العنف والقتل والسرقة وأغتصاب النساء، خدمة لاهداف وطموحات أفراد عائلة ال خليفة، بحيث كانوا يبدون عند الوهلة الاولى لمشاهدتهم وكأنهم ( ملائكة الموت ) .
لقد عانى أهالي البحرين بصورة عامة، من بطش هذه العصابات وقسوة أفعالها، خاصة في عهد الحاكم عيسى بن علي، إلى درجة أن وصفهم المقيم السياسي البريطاني في البحرين، في موسوعة الوثائق البريطانية، بأنهم من ( أصحاب الضمائر الميتة ) بعد أن شاهدهم يجوبون مختلف مناطق البلاد، وكأنهم وحوش مفترسة، يجمعون كل ما أمكن من الرجال ويسوقونهم للعمل ( السخرة ) من دون أي شفقة أو رحمة، فارضين عليهم بالقوة إنجاز أعمال أفراد العائلة الحاكمة، وليخلون سبيلهم عند إنتهاء المهمة من دون تقاضي أجر مادي أو حتى كلمة إعتذار .
هذا مع العلم ان الظروف التي عرفتها البحرين في ذلك ( الزمن الاسود ) والذي ذاق فيها شعب البحرين المهانة والذل على يد النظام الحاكم، هي غيرها اليوم تماما، ففي تلك الحقبة المعتمة، لم يكن هناك دستور ولامؤسسات تشريعية ولاحمعيات سياسية ولا منظمات مجتمع مدني ولامنظمات حقوقية وانسانية دولية تراقب الاوضاع وتندد بممارسات القمع وانتهاك حقوق الانسان، بل كانت الاوامر وتعليمات القهر والتعسف العام، تأتي مباشرة من الحاكم أو افراد عائلته، بحسب ( أمزجتهم وأهوائهم ) و بحكم (صداقاتهم أوعداواتهم ) مع أفراد الشعب. أما اليوم فان هناك بحسب ما تدعيه السلطة الحاكم، دستور ينظم حياة الدولة والمجتمع،وانظمة وقوانين ومؤسسات تشريعية وتشاورية وتعددية سياسية ومنظمات مجتمع مدني، ومراقبة ومكاشفة ومحاسبة على كل الافعال الخاطئة، لكن الواضح ان السلطة حتى الآن لم تعترف ولن تعترف بالقنوات الديمقراطية الدستورية وحكم القانون وحقوق الانسان، لانها في حقيقة الأمر، مازالت تعيش على موروث الماضي وامتيازات الماضي وأوهام الماضي، ورجالات الماضي، ويتعسر عليها اليوم قبول الحاضر، الذي تغير تغيرا جدريا في العالم برمته،بنضالات الشعوب وتضحياتها في سبيل الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان .