الثلاثاء، 10 مارس 2009

تصريحات حمد بن عيسى ال خليفة ... عسل في الأقوال وجحيم على الأرض

هاني الريس
لم تكد تمضي سوى بضعة أيام، على التصريحات المعسولة التي اطلقها الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة، لمناسبة استقباله أفراد العائلة المالكة في قصر الصخير ( الجمعة 6 مارس 2009 ) وأكد فيها على التواصل بين الحكم والمجتمع، الذي يمكن أن يكفل تعميق الوحدة الوطنية، ودور الأسرة المترابطة في تكوين المجتمع ووحدته واستقراره انطلاقا من تعاليم الدين الحنيف والقيم العربية الاصيلة وترسيخا لها في ( مجتمعنا المعاصر )، وعلى أهمية التواصل ألاسري الذي عرفه المجتمع البحريني منذ القدم الذي يعزز مفهوم الآسرة الواحدة وتعميق التكافل الوطني بين سائر مكونات المجتمع البحريني، حتى شاهد الناس في البحرين، حجم الانتهاكات الصارخة التي مارستها أجهزة الدولة البوليسية البحرينية، ضد الابرياء من المواطنيين البحرينيين، الذين خرجوا في تظاهرة سلمية للدفاع عن البيئة في سواحل سترة، ضمن حريات الرأي والتعبير والتجمهر السلمي، المكفولة في نصوص ميثاق العمل الوطني و ( دستور الحكم للعام 2002 غير العقدي ) وكافة المعاهدات والشرائع الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان، حيث لم تترك هذه الاجهزة القمعية المستوردة من الخارج، أي خرق لحقوق الانسان في هذه المسيرة السلمية إلا وخرقته، فبعد أن توعدت الناس بتفريق المسيرة بالقوة في حال عدم إنصياع المنظمين،لاأوامر رجال الآمن بوقف المسيرة، صبت جحيم غضبها ونيران أسلحتها النارية الحية والمطاطية وغازاتها المسيلة للدموع بشكل صارخ على حشود المشاركين عموما، بذريعة انهم استخدوا العنف والشعارات المعادية للحكومة، ولم تحترم حتى حصانة بعض من شاركوا في هذه المسيرة من ( نواب البرلمان البحريني ) الذين تعرضوا هم أيضا الى إهانات الشرطة وعدم احترمها لابسط حقوق التجمع للتعبير عن الرأي أو اعلان الاحتجاج عن ممارسة الاخطاء بحق المواطن البحريني، وكل ذلك يجري بعلم كبار المسؤلين في البلاد وفي مقدمتهم الجالس على عرش ( المملكة ) الذي يحلوا له الافراط في التصريحات حول أهمية أحترام حقوق الانسان وتوطيد عرى المحبة والوحدة الوطنية و تعزيز قيم المشاركة والتعبير عن الرأي والتواصل الآسري الذي عرفه المجتمع البحريني منذ الازل، من دون أن يقف حتى مرة واحدة في وجه ( القوة الامنية الكاسرة ) التي تعتدي يوميا تقريبا من دون وجه حق على المناطق الآمنة والمواطنين المطالبين بأبسط حقوق المواطنة المشروعة، وذلك تحت مبررات حماية الدولة من المخاطر المحدقة و تعزيز مفهوم الأسرة الواحدة الذي يكفل تعميق الوحدة الوطنية بين سائر مكونات المجتمع البحريني .
والمفارقة هنا هي ان تصريحات الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة، وبعض المسؤلين الكبار في الدولة الرسمية، تبدو في نظر البعض، بأنها قد تأتي في صورة ( لفتة أبوية كريمة ) من أجل تكريس وحدة المجتمع وتلبية حاجات المواطن الاساسية، لكنها في نظر الآخرين الذين يعرفون بواطن الآمور، تبقى وحدها مجرد صورة تمويه وتضليل واستخفاف بعقول المواطنين الذين يحسنون النوايا، بالاقوال والمبادرات والمساعي الحميدة التي تنشط، بأتجاه تكريس وتعزيز وحدة المجتمع واستقراره، وليس ما في تصريحات الشيخ حمد بن عيسى، المتكررة حول الحريات والاسرة الواحدة المترابطة في المجتمع، التي تنطلق من تعاليم الدين الحنيف والقيم العربية الآصيلة، وتصونها نصوص ميثاق العمل الوطني و ( دستور الحكم ) وممارسات الاجهزة ألامنية، التي تخرق حقوق التعبير عن الرأي والاحتجاج السلمي، تحت سمع وبصر كافة المسؤلين في البلاد، سوى أمثلة صارخة تعكس أزمة الثقة العميقة بين الحكم والمجتمع، التي إستمرت تحث الخطى منذ الانقلاب على الوعود والمواثيق ودستور البحرين العقدي لعام 1973، حتي هذه اللحظة الراهنة، حيث لايزال يتعسر على الحكم، ممارسة أساليب الحياة الديمقراطية العصرية، التي تضمن وتعزز مفاهيم الوحدة الوطنية، وترفض تفتيتها طالما كانت هناك قوانين ومؤسسات برلمانية دستورية وقضاء مستقل وصحافة حرة ومجتمع مدني، ومكاشفة ومحاسبة، تفرض فرضا على الجميع، بعيدا عن المواقع الرسمية وغير الرسمية والامتيازات والمصالح الذاتية .
هذا مايحدث في البحرين منذ ماسمي ب ( مشروع الاصلاح الديمقراطي الزاهر ) الذي أطلق عنانه من القمقم الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة، من تصريحات مطبوخة بالسم،فيما جحيم الاجهزة الامنية التابعة الى النظام، يحرق الاخضر واليابس، كلما كبر حجم الاحتجاجات المطلبية الشعبية، واشتد عود منظمات المجتمع المدني، التي تتربص بكل واردة وشاردة من أخطاء السلطة والحكم، من أجل المكاشفة والمحاسبة امام المجتمع والمنظمات الديمقراطية والحقوقية الدولية .

ليست هناك تعليقات: