الخميس، 29 ديسمبر 2011

الهجوم الوحشي على الابرياء في دوار اللؤلؤة

الهجوم الوحشي على الابرياء في دوار اللؤلؤة

هاني الريس
هناك تسؤلات عديدة يطرحها كلام كبار المسؤلين في البحرين ومعهم بواقع الحال من يقف إلى جانبهم من الابواق المأجورة في الداخل والخارج، ممن يتهمون الحركة الاحتجاجية المطلبية التي خرجت بالالاف صبيحة الرابع عشر من فبراير/ شباط، الجاري، إلى دوار اللؤلؤة رافعة شعارات الحرية والمشاركة الحقيقية في صنع قرارات المجتمع وتحسين ظروف الحياة العامة، بالطائفيين والمخربين والمغرر بهم من قوى خارجية .
والسؤال الاول والاساسية، هو كيف تسمح السلطة الحاكمة في البحرين لنفسها وهي التي تدعي باحترام القانون والدستور والحريات العامة وحقوق الانسان، أن تعطي الاوامر لقوات الشرطة والجيش باقتحام دوار اللؤلؤة في جنح الليل حيث كان يعتصم الاف المواطنين العزل، وتطلق عليهم حمم قنابلها الانشطارية ودخائرها الحية والمطاطية والناس كلهم نيام ؟ على الرغم من انها تعلم علم اليقين بان خطوة مثل هذه تتعارض كليا مع نصوص الدستور والقوانين وكافة الشرائع الدولية ذات الصلة بحقوق الانسان، وكذلك الاقوال المعسولة التي تروجها السلطة بشأن الحريات في البحرين ...
هل من الديمقراطية واحترام الارادة الشعبية، أن تمارس السلطة هجمة شرسة ضد اطفال ونساء وشيوخ عزل دنبهم الوحيد هو انهم كانو يطالبون بالمساواة والعدل والمشاركة الحقيقية في صنع قرارات المجتمع، على الرغم من أن القانون والدستور يكفل لهم حرية الخروج للتعبير عن آرائهم وطرح كافة مطالبهم المشروعة ؟
وهل أن واحة الديمقراطية والحريات في البحرين، التي تغنى بها ماسمي " بمشروع الاصلاح " منذ عقد من الزمن، يمكن أن تشدد قبضة السلطة والحكم في البحرين، على كل مفاصل الدولة والمجتمع، وتحاصر الناس في مصادر عيشهم، وتغلق عليهم أبواب المشاركة والمسائلة والمحاسبة، والتمثيل الحقيقي في المجالس النيابية والبلدية ومنظمات المجتمع المدني، وتجلب الاعداد الهائلة من المجنسين، لا لشي بل لانها تطمح في أن تجعل منهم طابورا خامسا لها يدافع عنها في وقت الشذة، وهو مابرز جليا في التظاهرات الموازية التي خرجت في اليوم التالي تدافع عن سياسات السلطة والحكم في وجه ارادة الغالبية الشعبية؟
وهل من حق السلطة في البحرين، التي تدعي دائما بأنها تحرص على حماية وصيانة الوحدة الوطنية،أن تشق الصف الوطني بتغليب طائفة على اخرى في المجتمع، وتحتكر السلطة والحكم لطبقة بعد طبقة، من دون الاعتراف بحق تداول السلطة، وتعمل على تحطيم رغبات الشعب وتمنياته وأمانيه، وتواجه كل تحركاته المطلبية بالحديد والنار ؟
مع ذلك فأن شعب البحرين منذ ذلك الوقت لم يواجه كل تلك الاخطاء الفاحشة بوسائل العنف، بل انه كان يأمل بالتحولات السلمية وحقن الدماء، أكثر مما كانت تمارسه السلطة البحرينية المعروفة بشدة غرورها وبطشها واحتقارها للمواطن وتحطيم إرادته وقتل المعارضين تحت وطاة التعذيب في السجون وفي الاعتصامات والتظاهرات السلمية .

البحرين ... ثورة شعبية وليست انتفاضة شيعية

البحرين ... ثورة شعبية وليست انتفاضة شيعية

على الرغم من أهمية ثورة الرابع عشر من سبتمبر/ شباط 2011 المباركة، التي زلزلت أركان النظام الخليفي القمعي،الذي عرف طوال عدة عقود مضت بممارسة القمع والاستبداد وشق وحدة الصف الوطني من خلال تطبيق السياسة الاستعمارية ( فرق تسد ) خلال الشهور الستة الماضية من عمر الثورة، فأن نظام عائلة آل خليفة الحاكم في البحرين، لايزال يصور للراي العام العربي والعالمي، بأن هذه الثورة المباركة التي إمتدت طلائعها في مختلف المدن والقرى والمناطق البحرينية، هي ليست أكثر من كونها تخص طائفة معينة في المجتمع ويعني بها ( الطائفة الشيعية ) ولذلك كانت الالة الاعلامية والعسكرية القمعية المدعومة بجافل جيش الاحتلال السعودي، تفعل فعلها في التأثير على الرأي العام من خلال تصوير الحدث البحريني بعيون واحدة هي المسألة الطائفية، ولكن مع استمرار صمود الثورة الشعبية المباركة ومواجهتها كافة التحديات الاعلامية والامنية، باستخدام كافة الوسائل الحضارية السلمية ونبذ كل أشكال العنف، اكتسبت هذه الثورة المباركة عمقا جماهيريا واضحا من مختلف فئات وتيارات وطوائف المجتمع البحريني التي تضررت من سياسات النظام الخليفي، وكانت شعارات الوحدة الوطنية الواضحة من هذه الثورة المباركة، مرفوعة بقوة إلى جانب المطالب الوطنية المشروعة التي ناضلت واستشهدت من أجلها أجيال من شعب البحرين، ولذلك احتلت الثورة الشعبية في البحرين مكانة طليعية بين ثورات الربيع العربي بوجهها الديمقراطي والانساني والاخلاقي والوحدوي، وذلك على خلاف ماكان يروج له النظام الخليفي من أن هذه الثورة التي اجتمعت حولها كافة الطوائف البحرينية بأنها انتفاضة شيعية .
وحقيقة أن ثورة الرابع عشر من سبتمبر / شباط المباركة، استطاعت أن تجتاز مستنقع الطائفية برفعها شعارات تجسد مفاهيم الاخاء والتسامح و التشديد على الوحدة الوطنية ، كما استطاعت أيضا تجتاز اختبارات كبيرة في مختلف ميادين المواجهة السلمية مع ادوات القهر الخليفية والسعودية، التي تم فرضها عليها، ولدى هذه الثورة جيل صاعد يبلور لنفسه الثقة بالنفس، ومواجهة الحملات الامنية المسعورة بالصبر والثبات والامل بتحقيق الانتصار المأمول، ففي نفس الوقت الذي لم يرفع فيه اي متظاهر خرج في التظاهرات الاحتجاجية المطلبية شعارا واحدا طائفيا، غير الشعار الذي رفع في كل التظاهرات وهو شعار الوحدة الوطنية ( لا شيعية .. لا سنية وحدة وحدة وطنية )، كان النظام الخليفي القمعي وحده فقط يخالف هذا الواقع ويستمر في ممارسة القمع والاستبداد ضد الطائفة الشيعية التي يتهمها بتحريض الشارع للانقلاب على الحكم، ويحاول تمرير مشاريعة المشبوهة الطائفية وتغليب طائفة على اخرى في المجتمع من أجل أن يستمر في السلطة والحكم، وكان دائما يتعسر عليه الخروج من العزلة الاجتماعية والسياسية التي فرضها على نفسه طوال فترة احتلاله للبلاد قبل 230 سنة من الزمن، بالابتعاد عن جسم المجتمع الواحد الموحد، لانه يرى في نفسه انه وحده القادر على تمثيل الشعب والنيابة عنه في كافة الامور المتعلقة بحياة الدولة، وأن المكونات الاخرى في المجتمع ليست أكثر من رعية خاضعة لمشيئته يتصرف بمصيرها كما يشاء ويرغب .
هذه هي أزمة النظام الخليفي القمعي الذي لايزال يصر على مواقفه السلبية وسياساته الاستبدادية القمعية واتهاماته المزعومة ضد الطائفة الشيعية بالتأمر عليه ومحاولة اقصائه عن سدة السلطة والحكم، بين ما الحقيقة على الارض تؤكد على طائفية النظام وعزلته الواضحة عن بقية المجتمع، في ما الثورة الشعبية الراهنة شاملة وجامعة وتكمن أهميتها في الدفاع عن مظالم شعب البحرين برمته وليس فقط طائفة معينة .