الجمعة، 21 أكتوبر 2011

البحرين : التأريخ المشؤوم لعائلة آل خليفة

في العام الاول من تدشين" مشيخة أحمد بن محمد آل خليفة " الملقب < بالفاتح التي لم يعرف شرها الكثيرون، إلا من خلال جرائم الغزو التي خرقت كافة الاعراف والقيم الانسانية والروحية الخلاقة، إحتلت عائلة آل خليفة، مكانة متقدمة ومتميزة في الفساد والاستبداد ضد أهل البحرين، إلى الدرجة القصوى التي تفوقت بها على كل ما كان يمارس في جوارها من ظلم مشيخات القبائل العربية، وظل كل هذا التفوق الاستبدادي الخاص، يمثل السمة البارزة لاستمرار بقاء حكمها في البحرين .
وعلى مدى العقود الماضية وحتى الآن، ظلت عائلة آل خليفة، تختلق الذرائع والمزاعم الموهومة لتبرير "شرعية وجودها في البحرين" تارة بتذكير الناس بموروث "الغزو" وتارة أخرى بتزيين صورتها أمام المجتمع البحريني عبرإدعاءاتها الكاذبة بأنها "أصبحت في مستوى طوائف البحرين الموحدة" وأن البلاد لجميع أبنائها ينعمون فيها بالأمن والاستقرار في ظل الوحدة الوطنية، وهي في واقع الأمر ظلت شرعية مشكوكة في نظر المجتمع، و لا تزال حتى بعد الإعلان عن قيام ماسمي " بمملكة البحرين " في العام 2002، تشكل موضع جدل بينها وبين سكان البلاد الاصليين (شيعة وسنة) الذين ظلوا دائماً ينظرون اليها، على (أنها كانت ولا تزال مجرد قبيلة غازية) دفعتها أطماعها السياسية وجشعها الاقتصادي الى غزو البحرين واحتلالها وفرض القوة الغاشمة على أهلها وكافة مناطقها الآمنة .
وبأوهام "شرعية الفتح" وقوة النفوذ والهيمنة السياسية والاقتصادية المباشرة على المشيخة، ظل جميع أفراد عائلة آل خليفة، يتصرفون بالارض والكيان السياسي والثروة الوطنية، على أساس أنها ملكية خاصة لهم ولاحفادهم اللاحقون، وبموجب ذلك إستطاعت العائلة، أن تبني لنفسها قطاعاً عائلياً متفرداً بسلطة القرار السياسي، ومبتعدا عن عناصر تشكيل واقع المجتمع بكافة فئاته وهيئاته وانتماءاته السياسية واحترام حقوقه القانونية، وقادراً على مرور الزمن في الاستمرار بتنفيذ مشاريع الهيمنة السياسية والاستغلال الاقتصادي وإجهاض أية محاولة محتملة لطرح المطالب الشعبية، بفضل استخدام مختلف اساليب القوة والقمع وقهر الآخر، وغياب الحد الأدنى من الحريات الديمقراطية والدساتير التعاقدية الشرعية، وتوسيع النظرة الى استجداء الحماية الامنية مع القوى الكبرى في المنطقة و العالم والانجذاب بشكل محموم لتوقيع المعاهدات والاتفاقات الامنية والعسكرية لتحقيق تلك الأهداف .
ومع تطور الثقة بالنفس والتمكن من السيطرة على كافة مجريات الامور في البلاد، حاولت عائلة آل خليفة، توسيع تفردها بكل أدوات صنع القرار وسلب الثروة الوطنية، والنأي بنفسها تماماً عن الآخرين، حتى أولئك الدين قدموا لها الدعم والمساندة في عملية الغزو من القبائل العربية، فقد تنكرت لافضالهم وتآمرت عليهم عندما حان وقت تقاسم "غنائم النصر" بل وظلت على الدوام تثير المخاوف في نفوسهم بمعاملتهم كأعداء محتملين وليس كحلفاء يستوجب عليها تكريمهم وتقديم الشكر لجهودهم، وتقدير تضحيات مقاتلييهم الذين كانوا وقود معارك الغزو وحطبها، وذلك على قاعدة (من ليس منا فقد ينقلب علينا)، ليجلسوا هم وحدهم فقط على عرش المشيخة المنشودة، وقد برزت هذه النظرة الاحادية الاستعلائية المفرطة، بصورة واضحة وجلية مع الجميع، ولكن التصعيد الأكثر شذة وانتقاما، كان من نصيب عائلة آل الجلاهمة " الظلع الثاني في تحالف الغزو المشؤوم "، التي طالبت ذات يوم بأخذ نصيبها في السلطة والحكم، بموجب " الاتفاق " الذي أبرمته عائلة آل خليفة، مع كافة القبائل العربية، التي وقفت إلى جانبها و قدمت لها الدعم المعنوي والمساندة العسكرية ، الذي يقوم على تقاسم جميع " غنائم النصر " بالمناصفة عندما تنتهي معارك الغزو وتتوج باحتلال البلاد، إلا أن عائلة آل خليفة تنصلت من تنفيد ذلك الاتفاق وضربت به عرض الحائط، بل أنها شنت عليها معركة عسكرية ضارية قصمت ظهرها، ثم توعدت كبار زعمائها بعقوبات أكثر صرامة من نتائج الحرب، إذا ما إستمر بقائهم في البلاد وظلوا يثيرون ضدها القلق، فسارع أبناء جابر بن عتبة الأربعة وعائلاتهم واتباعهم بالرحيل الى شبه الجزيرة العربية خوفا من البطش، واستقر بعضهم هناك للعمل في مجال الزراعة والتجارة والاستثمار، و عاد البعض الآخر الى البحرين بعد مرور سنوات طويلة من نهاية الغزو واستتباب الاوضاع، ولكن كمواطنين عاديين، وقد منع عليهم ممارسة الشأن السياسي العام، و سمح لبعضهم بنسبة تحررية بسيطة في العمل بالتجارة، وبقوا منذ ذلك الوقت يحملون الضغائن المبطنة والمعلنة في بعض الاحيان، على عائلة آل خليفة، التي خذلتهم وسلبت منهم إنسانيتهم و كرامتهم و كافة إستحقاقات الغزو، والحقت بهم هزيمة مدوية في أشرس المعارك البحرية، التي دمرت فيها كل أساطيلهم قبالة الشواطىء الشرقية من شبه الجزيرة العربية، و قتل فيها زعيمهم جابر بن رحمة الجلاهمة، على حين غرة عندما كان يقود بنفسه رحى المعركة الضارية التي استبسل فيها جنود عائلة آل خليفة، وقدموا أفضل مالديهم من وحشية و من صنوف القتال، ويذكر بأن القبائل العربية، التي إنضمت لعملية الغزو هي، الجلاهمة والبنعلي والسودان والبوعينين والسلطة والقبيسات والمنانعة والسادة، إضافة الى مجموعة صغيرة متمردة وسط عائلة آل المسلم، قيل إنه غرر بها و تخلت عن مناصرة أهلها في مقابل حصولها على وعود غنائم الغزو، و حفنة من الامتيازات، التي لم تنال منها أي شيء يذكر، سوى نكران الجميل وتهميش الدور .
فواقع الأمر، بعد حقبة الغزو التي صادرت الارض والكيان السياسي وحقوق الانسان، قد إنطوى على ممارسة الاستبداد والتعسف العام ضد الجميع، وليس فقط قبيلة عربية أ و طائفة أو شريحة معينة من شرائح المجتمع البحريني، التي ظلت مند ذلك الوقت وحتى الآن، تواجه مختلف صنوف التعسف والاستبداد .
لم يستقبل أهل البحرين، عائلة آل خليفة، إستقبال "الفاتحين" كما كانت تزعم دائماً عبر كتبها ومناهجها التعليمية، التي فرضتها فرضاً في جميع المدارس والمعاهد البحرينية الرسمية والخاصة، والتي ظلت شعاراتها الاساسية المركزية تزهو دائما بـ"إسطورة البطولة والفتح المجيد" التي صورت لنفسها، بأنه توج بها (بطل الغزو) عميدها أحمد بن محمد آل خليفة، "انتصاراته الدموية في البحرين" وتخليد خصوصية العائلة الحاكمة وشرعية وجودها في البلاد، إلى آخر ما تفتق بها نسيج خيالها من أحلام القوة والمجد والهيمنة الفئوية الضاربة العنيدة، إنما استقبلوها كقبيلة غازية مارست السطو والقهر والاستيلاء على الارض والسياسة والاقتصاد، واغتصاب وسرقة أموال الناس وممتلكاتهم وكافة المرافق العامة، وممارسة السلطة والحكم كأمر واقع وليس بالصفة الشرعية، ويخشون المزيد من الظلم والبطش القاتل بالابرياء وتذمير حياتهم، استنادا إلى تجارب سابقة استخدمتها هذه العائلة في حروب التوسع والقرصنة، ولذلك ظل طوق الحديد العملاق التي كانت تلوي به أعناق أهل البحرين طوال تلك العقود البعيدة، مؤلما وعسيرا، وينتظر من يحطمه من الاجيال اللاحقة التي سوف تحمل رايات التحرر من الظلم والعدوان والتبعية المخيفة، فعمليات القمع والاستبداد والتعسف العام ورفض الاخر، قد أثارت بشكل واسع النطاق، حفيظة جميع الطوائف البحرينية، التي وقفت صفاً واحداً موحداً لمقاومة سياسات البطش، والتصدي بكل الوسائل النضالية المشروعة لتداعيات الغزو المشؤوم، حيث أكدت معظم الروايات التاريخية على صمود أهل البحرين في وجه الجحافل الغازية والحقوا بها خسائر فادحة في الارواح والعتاد، و قدموا بذلك أمثلة رائعة في البسالة والأستشهاد على مدبح الدفاع عن الارض وكرامة الأنسان البحريني، فكان واقع الحال آنذاك أمراً مبرراً ومحفزاً لإشعال فتيل الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية التي مازالت جدوتها مستمرة بين مد وجزر منذ ذلك الوقت و حتى اللحظة الراهنة .
و منذ تلك الفترة السحيقة التي تميزت بغرور القوة والعسف العام، وطوال السنوات الثلاث التي أعقبت تحويل الدولة الامنية إلى " مملكة " ظلت عائلة آل خليفة، تتمسك بتلابيب الحكم، و تكرر فرض شرعية وجودها ونفودها في البلاد، كأمر واقع، ليس فقط بأستخدام وسائل العنف، بل أيضا، مختلف الأوامر الملكية والمكرمات وإجراءات القمع المقننة وشراء الذمم وإعتماد نصوص " دستور المنحة الجديد " للعام 2002، المثير للجدل، الذي أصدره حمد بن عيسى آل خليفة، بقرار منفرد، و من دون إستشارة الشعب، ومشاريع البرلمان الصوري الفاقد للشرعية، ومجلس الشورى المعين بواسطة الحكم، و تمكين أفراد العائلة الحاكمة من إحتلال معظم المواقع القيادية الحساسة في الدولة والمجتمع، والذي يستمر فيها التشديد دائماً على الانفرادية السلطوية، وليس المشورة والرأي واحترام حقوق وواجبات المواطن البحريني .

هاني الريس

ليست هناك تعليقات: