الخميس، 20 أكتوبر 2011

" ورود ودموع " شباب البحرين في دوار اللؤلؤة

هاني الريس
يمسك شباب البحرين المعتصمون هذه الايام في و سط دوار اللؤلؤة، في المنامة العاصمة، بزمام التحركات الاحتجاجية المطلبية التي اطلق عنانها من القمقم " شباب انتفاضة الرابع عشر " من فبراير/ شباط 2011، في عصر جديد من التغيرات العربية والدولية في مجال الديمقراطية وحقوق الانسان، ففي أعقاب انتصار الثورتين التونسية والمصرية، التي أبهرتا العالم برمته، برفضهما مختلف أساليب العنف، تبنى شباب البحرين، كافة شعاراتها الحضارية السلمية الملهمة، وانطلق من خلالها مطالبا بأبسط حقوق المواطنة المشروعة، بعيدا عن أية ايديولوجيات أو طوائف معينة أوتلقي أوامر وتوجيهات داخلية أو على المستوى الخارجي .
وبسبب التاريخ الطويل لقوى المعارضة البحرينية، التي مارست ثقافة السلم في حق التعبير عن حريات الرأي والحقوق المدنية، منذ عدة عقود مضت، فقد رفعت حشود المتظاهرين في دوار اللؤلؤة وكل مكان في المدن والقرى البحرينية، الورود الحمراء التي ترمز إلى قوة المحبة، و شعارات الاخاء والتعايش المجتمعي وتلاحم الجبهة الداخلية، التي عكست بالتأكيد خصوصية الشعب البحريني وتكاتفه وطرح مطالبه عبر تظاهرات الاحتجاج السلمي، بعيدا عن ممارسة العنف ومختلف اشكال " التخريب الشعبي " التي قد تؤدي إلى تشويه مشهد مسيرة أي حركة إحتجاجية مطلبية .
ولكن بالرغم من سلمية الحركة المطلبية، والتزامها بالقوانين المعمول بها في البلاد ، باغتت قوات الامن جموع المعتصمين في الدوار وهم نيام، وأطلقت عليهم نيران اسلحتها المختلفة، ما أدى إلى سقوط عدة شهداء ومصابين بجروح خطيرة ناهيك عن المفقودين والمنهكين تحت تأثير الغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاطي، الذي أدمى قلوب عامة المواطنين في البحرين والوطن العربي والعالم، رغم انها بررت في بادىء الامر هذه المباغتة كوسيلة لمواجهة مخاطر فتنة طائفية تهدد وحدة المجتمع البحريني وتلاحمه، فقد برهنت ردات فعل شباب الدوار، على حضارية سلوكهم التي تميزت بالتسامح وعدم الانجرار إلى المواجهة العنيفة مع قوات الأمن، وعدم مبالاتهم بالتحدي بعد الاعلان عن نشر قوات الجيش وإخلاء الدوار من حشود الجماهير .
وكان الايمان بعدالة القضية واصرار الشعب على مواصلة الاعتصام حتى تتحقق جميع مطالبه، هو وحده الذي دعا ولي عهد البحرين، بالاسراع إلى تلبية مطلب سحب الجيش وقوات الامن من محيط الدوار والدعوة لاجراء حوار وطني مسؤل لحل الازمة، ومحاسبة المسؤلين عن سفك الدم .
و أظهرت المواقف الاقليمية والعربية والدولية، أزاء سلمية التظاهرات في البحرين، قدر واسع النطاق من الاهتمام السياسي والدبلوماسي والتغطية الاعلامية، مما أجبر زعيم أكبر دولة في العالم الرئيس الاميركي باراك اوباما ووزيرة خارجيتة هيلاري كلينتون، و كذلك حكومات الاتحاد الاوروبي، إلى التنذيد باستخدام العنف المفرط ضد التظاهرات المعتدلة و المسالمة، ومطالبة الاطراف المتصارعة في الساحة البحرينية، بممارسة ضبط النفس، وحينما أعلن ولي العهد عن رغبته في إجراء حوار وطني، رحبت المعارضة بهذه المبادرة المسؤلة، لكنها اشترطت قبل بدء الحوار بالشروع الجدي في تحقيق المطالب الوطنية المنشودة، أدت إلى تجاوب السلطة مع غالبية هذه المطالب، التي كانت ترفضها في كل الانتفاضات السابقة التي شهدتها البحرين منذ عدة عقود مضت، بطريقة خطت خطوات كبيرة في فهم المطالب الوطنية، التي نأمل أن تنجز قريبا بعيدا عن المداورات والمماطلات وفرض ضرورات الامر الواقع، التي لا تؤدي إلا لتأزيم الوضع وحدوث الاسواء .

ليست هناك تعليقات: