الخميس، 20 أكتوبر 2011

وداعا رمز المناضلين وأبو الفقراء في البحرين

هاني الريس
تلقى شعب البحرين برمته، صبيحة يوم الخميس ( 1 سبتمبر/ أيلول 2011 ) ضربة موجعة في خاصرته، برحيل القائد المناضل الشجاع الوطني والقومي والاممي و أبو الفقراء والمسحوقين في البحرين، الأب الروحي لجمعية العمل الوطني الديمقراطي ( وعد ) المهندس عبدالرحمن محمد النعيمي، عن عمر يناهز 67 عاما، إلى جوار ربه راضيا مرضيا بكل ما قدمه من تضحيات جسام من أجل البحرين وشعبها الذي لايزال يحمل حلم هذا المناضل بوطن يتسع للجميع .
الأب القائد والرمز أبو أمل، الذي رحل في أشد الاوقات حساسية في الساحة البحرينية، على مختلف المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والامنية، وقف دائما مواقف نضالية مشرفة وأبوية صادقة ومخلصة ومدافعة عن قضايا شعب البحرين برمته، وكذلك القضايا الانسانية المتعددة، من دون كلل أو تعب أو رغبة في نيل الامتيازات ومكاسب الجاه والمال، فهو قد بدأ حياة النضال الطويلة التي إستمرت زهاء أكثر من 50 عاما من الزمن، منذ زهرة شبابه عندما كان يتلقى علومه في مدارس البحرين الابتدائية والاعداية والثانوية وحتى تخرجه من الجامعة الاميركية في بيروت في ستينيات القرن الماضي ( 1966 )، حيث شارك في العديد من التظاهرات الطلابية والتحركات الاحتجاجية الشعبية المطالبة بالحرية والديمقراطية والكرامة الوطنية والاستقلال وبناء دولة المؤسسات الديمقراطية الدستورية المنشودة في البحرين، ومختلف القضايا المساندة الداعمة لتحرير فلسطين من براثن الصهيونية، والاقطار العربية من الاحتلالات الاجنبية الغاشمة، وانخرط في العديد من التنظيمات السياسية المعارضة في البحرين والخليج من بينها حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج والجبهة الشعبية في البحرين الذي ظل على رأسها امينا عاما طوال سنوات النضال السري في البحرين والمنافي القسرية في بعض العواصم العربية، وكان موسس اول جمعية سياسية معترف بها رسميا في الخليج هي جمعية العمل الوطني الديمقراطي ( وعد )، ولم يكتف بذلك بل حمل هموم الشعوب العربية والاممية في نضالاتها من أجل الحرية والكرامة والاستقلال والتبعية الأجنبية، بصرف النظر عن العرق أو الجنس أو المعتقد، وظل مدافعا شرسا وقويا عن الحق والعدل والكرامة الانسانية في وجه الطغيان وانتهاكات حقوق الانسان وكافة القيود السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي حاولت فرضها بالقوة والقمع الانظمة الاستبدادية ضد شعوبها ومنعها من نيل حريتها واستقلالها واختيار أنظمتها السياسية الوطنية وعلاقاتها الخارجية .
وطوال فترة حياته في النضال الوطني، وقف عبدالرحمن محمد النعيمي، إلى جانب قضايا الفقراء والبؤساء من شعب البحرين، ولم تستطع ادوات أية سلطة قمعية، أن تهزم إرادته أو تحبط عزيمته في النضال، أن تفعل شيء للاضرار بشعبيته وسمعته وصموده، حيث إحتل هذا القائد الفذ مرتبة الرمز والاب الروحي لكل المناضلين والطامحين لبناء الوطن الذي يتسع للجميع في البحرين .
تعرفت على المناضل الشجاع النعيمي، في بيروت في العام 1979 عندما كنت أعيش في المنفى القسري نتيجة حقبة القمع التي سادت في البحرين خلال سنوات قانون ومحاكم أمن الدولة السيئة الصيت، ورافقته في دروب النضال طوال 20 عاما في المنافي البعيدة، ووجدت فيه روح النخوة والشهامة وتقديم المساعدة للمحتاجين، والصدق والدفاع الشديد عن قضايا شعب البحرين وكل الفقراء والمحرومين في مختلف بقاع العالم، وقد حمل على أكتافه راية النضال وتعريف قضايا شعب البحرين في المؤتمرات والمنتديات والتظاهرات والعديد من وسائل الاعلام في مختلف العواصم العربية والعالمية .
وعندما عاد النعيمي من المنفى القسري الذي استمر اكثر من 40 عاما، إلى الوطن بعد الانفراج السياسي في العام 2001، واستقبلته بمعية رفيق دربه في النضال المهندس عبدالنبي العكري، في مطار البحرين الدولي آلاف الجماهير من مختلف الفئات والتيارات والطوائف البحرينية، عرضت عليه الكثير من الامتيازات السياسية والمادية والمعنوية التي رفضها بقوة، وتخلى عنها من أجل متابعة طريق النضال وتحقيق احلام وطموحات وأماني شعب البحرين في بناء الدولة البرلمانية الدستورية التي ناضلت واستشهدت من أجلها أجيال من شعب البحرين .
منذ ذلك الوقت كان النعيمي بطلا شامخا في النضال، لا تهز شخصه القوي الرياح ولا العواصف ولا الاغراءات، ويحظى بمحبة الناس جميعا سواء على المستوى الوطني او العربي او الدولي الذين عايشو حياته النضالية والاجتماعية عن قرب، التي عرفت بنموذج الأب الروحي والمناضل الصلب .
رحل القائد المناضل عبدالرحمن محمد النعيمي، إلى جوار ربه راضيا مرضيا بكل ما قدمه من تراث وارث نضالي مشهود له من الجميع، وحياة حافلة بالعطاء والتضحيات الجسام من اجل الشعب والوطن، لكن يبقى الأمل في حياة الاجيال التي تشربت أفكارها وثقافاتها واحلامها من ينابيع الافكار الصادقة والمخلصة التي ضحى من أجلها طوال حياته .
رحم الله المناضل الأب عبدالرحمن النعيمي وادخله فسيح جناته مع كافة الشهداء الابرار .

ليست هناك تعليقات: